للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: وهذا الكتاب "ساير" للكتاب الكامل الذي ألفه أبو العباس المبرد ولئن كان كتاب أبي العباس أكثر نحواً وخبراً فإن كتاب أبي علي أكثر لغة وشعراً، قال: ومن كتبه في اللغة "البارع" كان يحتوي على لغة العرب، وكتاب في المقصور والممدود والمهموز، لم يؤلف في بابه مثله، وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمور وبعد أن صارت إليه، يبعثه على التأليف وينشطه بواسع العطاء، ويشرح صدره بالإفراط في الإكرام، ومات أبو علي بقرطبة في أيام الحكم المستنصر في ربيع الآخر سنة ستة وخمسين وثلاثمائة، وكان مولده سنة ثمان ومائتين وقيل سنة ثمان وثمانين.

حكى ذلك غير واحد من شيوخنا وأكثر من يحدث عنه بالمغرب أن يحكي عنه يقول: أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي قال: نسبوه إليها لطول مقامه بها، ووصوله إليهم بها، أخبرني أبو محمد على بن أحمد قال: أخبرنا عبد الله بن ربيع التميمي قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي قال: أخبرنا أبو معاذ عبدان المتطيب قال: دخلنا يوماً بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد قلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا فقال: ما تقولون في رجل له شقان؟ أحدهما لما غرز بالمسال ما أحس، والشق الآخر تمر به الذباب فيغوث، وأكثر ما أشكوه الثمانين، ثم أنشدنا أبياتاً من قصيدة عوف بن محلم الحراني قال أبو معاذ: وكان سبب هذه القصيدة أن عوفاً دخل على عبد الله بن طاهر فسلم عليه عبد الله فلم يسمع فأعلم بذلك، فزعموا أنه ارتجل هذه القصيدة فأنشده:

يا بن الذي دان له المشرقان ... طرا وقد دان له المغربان

إن الثمانين وبلغتها قد ... أحوجت سمعي إلى ترجمان

<<  <   >  >>