الخزرجي أبي السري سهل بن أبي غالب سماه "كتاب الهجفجف بن عدقان بن يثربي مع الخنوت بنت محرمة بن أنف" وكتاباً آخر في معناه سماه "كتاب الجواس بن قعطل المذحجي مع ابنة عمه عفراء" قال أبو محمد بن علي: وهو كتاب مليح جداً. وكان المنصور بن أبي عامر كثير الشغف بكتاب الجواس حتى رتب له من يخرجه أماه في كل ليلة، وقال: إن أبا العلاء لا يحضر بعد موت المنصور مجلس أنس لأحد ممن ولي الأمر بعده من ولده، وادعى وجعاً لحقه في ساقه لم يزل يتوكأ به على عصى ويعتذر به في التخلف عن الحضور والخدمة إلى أن ذهبت دولتهم، وفي ذلك يقول في قصيدته المشهورة في المظفر أبي مروان عبد الملك المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر وهو الذي ولي بعد أبيه أولها:
إليك حدوت ناجية الركاب ... محملة أماني كالهضاب
وبعت ملوك أهل الشرق طرا ... بواحدها وسيدها اللباب
وفيها:
إلى الله الشكية من شكاة ... رست ساقي وجل بها مصاب
وأقصتني عن الملك المرجى ... وكنت أروم حالي باقتراب
ومما استحسن له قوله فيها:
حسبت المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحساب
وما قدمته إلا كأني ... أقدم تالياً أم الكتاب
أخبرني غير واحد عن شريح بن محمد، عن أبي محمد بن حزم، أنه سمع أبا العلاء صاعد بن الحسن ينشد هذه القصيدة بين يدي المظفر في يوم عيد الفطر سنة ست وتسعين وثلاثمائة. قال أبو محمد: وهو أول يوم وصلت فيه إلى حضرة المظفر، ولما رآني أبو العلاء