للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدره فجاء هكذا فقال: صاعد سبحان الله أنسيتم قوله قبل هذا في وصفه:

كميت يزل اللبد عن حال متنه ... كما زلت الصفراء بالمتنزل

قال: فبهتنا والله كأننا لم نقرأ هذا البيت قط واضطررنا إلى سؤاله عنه. فقال: إنما عنى أحد وجهين إما أن تغشى صدره بالعرق، وعرق الخيل أبيض فجامع الدم كالشيب، وإما شيئاً كانت العرب تصنعه، وهو أنها كانت تسم باللبن الحار في صدور الخيل فيتمعط ذلك الشعر وينبت مكانه شعر أبيض فأيا ما عنى من أحد الوجهين فالوصف مستقيم قال أبو محمد: وحدثني أبو الخيار مسعود بن سليمان بن مقلت الفقيه أن أبا العلاء صاعداً سأل جماعة من أهل الأدب في مجلس المنصور أبي عامر عن قول الشماخ:

دار الفتات التي كنا نقول لها ... يا ظبية عطلا حسانة الجيد

تدنى الحمامة منها وهي لاهية ... من يانع المرد قنوات العناقيد

فقالوا: هي الحمامة تنزل على غصن الأراكة والكرم، فتنقله فتتمكن الظبية منه فترعاه، بأنكر ذلك عليهم صاعد وقال: إن الحمامة في البيت هي المرأة وهي اسم من أسمائها فأراد أن هذه الجارية المشبهة بالظبية، إذا نظرت في المرآة أدنت المرآة منها في المنظر شعرها الذي هو كقنوان العناقيد، من يانع الكرم أو المرد فرأته، قال أبو محمد علي بن أحمد: ومن عجائب الدنيا التي لا تكاد يتفق مثلها أن صاعد بن الحسن اللغوي أهدى إلى المنصور أبي عامر أيلاً وكتب معه بهذه الأبيات:

يا حرز كل مخوف وأمان كل ... مشرد ومعز كل مذلل

جذواك إن تخصص به فلأهله ... وتعم بالإحسان كل مؤمل

<<  <   >  >>