الله تعالى [ ... ] الأمر العالي أدامه الله [ ... ] شرق الأندلس كله ولطف الله سبحانه بأهله وكان جوار عسكر الموحدين وأعزهم الله إلى الجزيرة الخضراء في عام تسعة وثلاثين وخمسمائة، وكان النصارى وقفهم الله قد استجاش بهم ابن غانية ودخل بهم قرطبة، وغلبوا عليها وأدخلوا دوابهم في جامعها المعظم، ومزقت أيدي الكفار به مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وجمع بعد جهد ولما سمع النصارى وزعيمهم الإمبراطور بأن عسكر الموحدين قد جاز إلى الجزيرة، حار وخار وجمع الأعوان والأنصار، واستشارهم فأشاروا عليه بأن يرجع إلى بلاده، وينظر في حمايتها فخذله الله.
وتوافق مع ابن غانية على أن يتركه بقرطبة، وينصرف، فتركه بها ثم خدعه وطلب منه بياسة فدفعها إلى مخافة أن يستقر بقرطبة، واستولى الأمر العالي أدامه الله بعد ذلك على جميع ما كان بأيدي المسلمين من الأندلس، وارتفعت المحن والفتن والجور والجزية واجتمعت الكلمة، وجرت على الروم، دمرهم الله هزائم جمة آخرها هزيمة أذفونش بن شانجه، قصمه الله عند الأركة على مقربة من قلعة رباح، في التاسع لشعبان المكرم عام إحدى وتسعين وخمسمائة، وكان عسكره الذميم ينيف على خمسة وعشرين ألف فارس ومائتي ألف رجل وكان معه جماعات من تجار اليهود قد