فخرجت جمعة أخرى، فوجدتها على العادة الأولى فزاد قلبي بها فرحت إلى عبد الرحمن بن محمد التجيبي صاحب سرقسطة ومدحته بالقصيدة الميمية المشهورة فيه وذكرت في تشبيهها حلوة وحدثته مع ذلك بحديثي فوصلني بثلاثمائة دينار ذهباً ثمنها، سوى ما زودني عن نفقة الطريق مقبلاً وراجعاً وعدت إلى قرطبة فلزمت الرياض جمعاً لا أرى لها أثراً وقد انطبقت سمائي على أرضي وضاق صدري إلى دعاني يوماً رجل من إخواني فدخلت إلى داره، وأجلسني في صدر مجلسه ثم قام لبعض شأنه فلم أشعر بالستارة المقبلة لي قد رفعت وإذا بها فقلت: حلوة، فقالت: نعم، قلت: ألأبي فلان أنت مملوكة؟ قالت: لا ولكني أخت، قالت: فكأن الله تعالى محا حبها من قلبي وقمت من فوري واعتذرت إلى صاحب المنزل بعارض طرقني وانصرفت وهذه القصيدة طويلة، قال أبو محمد: أنشدناها أبو بكر بن الفرضي، قال: أنشدناها يوسف بن هارون لنفسه في جملة سبع قصائد له أنشدنا إياها وأولها:
قفوا تشهدوا بثي وإنكار لائمي ... على بكائي في الرسوم الطواسم