وهو لا يكون في بلادك؟ فقال له: لم أرحل؛ لأبصر الفيل وإنما رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك فأعجبه ذلك منه وسماع عاقل الأندلس، وإليه انتهت الرئاسة بالفقه في الأندلس وبه انتشر مذهب مالك وتفقه به جماعة لا يحصون وكان يفتى برأي مالك وقوله، إلا في القنون فإن أخذ فيه بقول الليث بن سعد، وكان لا يرى القنوت وترك أيضاً رأى مالك في اليمين مع الشاهد، وأخذ يقول الليث في ترك ذلك وإيجاب، وروى عن غير واحد منهم ابناه عبيد الله وإسحق ومحمد بن وضاح وزياد بن محمد بن زياد شبطون وإبراهيم بن قاسم بن هلال ومحمد بن أحمد العتقي وإبراهيم بن محمد بن باز ويحيى بن حجاج ومطرف بن عبد الرحمن وقيل عبد الرحيم بن إبراهيم و [عجنس] بن أسباط الزبادي وعمر بن موسى الكناني وعبد المجيد بن عفان البلوي وعبد الأعلى بن وهب وعبد الرحمن بن محمد بن أبي مريم ابن السعدي، وسليمان بن نصر بن منصور المري وأصبغ بن الخليل وإبراهيم بن شعيب وغيرهم، وآخر من روى عنه موتا ابنه عبيد الله وكان يحيى مع إمامته ودينه مكيناً عند الأمراء معظماً وعفيفاً عن الولايات متنزهاً جلت درجته عن القضاءي فكان أعلا قدراً من القضاء عند ولاة الأمر هناك لزهده في القضاء وامتناعه منه، حدثني غير واحد عن شريح من أبي محمد بن حزم قال: مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان مذهب أبي حنيفة فإنه لما ولي قضاء القضاة أبو يوسف كانت القضاة من قبله فكان لا يولى قضاء البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى أعمال أفريقية إلا أصحابه والمنتهين إلى مذهبه والناس سراع إلى الدنيا والديانة فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به، على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط ولا أجاب إليه