لَعَمْرِيَ مَا أَدْرِي وَقَدْ أَذِنَ الْبِلَى ... بِعَاجِلِ تِرْحَالِي إِلَى أَيْنَ تِرْحَالِي
وَأَيْنَ مَحَلُّ الرُّوحِ بَعْدَ خُرُوجِهِ ... عَنِ الْهَيْكَلِ الْمُنْحَلِّ وَالْجَسَدِ الْبَالِي
فَقَالَ: وَمَا عَلَيْنَا مِنْ جَهْلِهِ، إِذَا لَمْ يَدْرِ أَيْنَ تِرْحَالُهُ؟ وَلَكِنَّنَا نَدْرِي إِلَى أَيْنَ تِرْحَالُنَا وَتِرْحَالُهُ، أَمَّا تِرْحَالُهُ فَإِلَى دَارِ الْأَشْقِيَاءِ، وَمَحِلِّ الْمُنْكِرِينَ لِقُدْرَةِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ، وَالْمُكَذِّبِينَ بِمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْمُرْسَلِينَ عَنْ رَبِّهِمْ {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ - قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ - وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: ٥ - ١٢] .
وَأَمَّا تِرْحَالُنَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُصَدِّقُونَ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ فَإِلَى نَعِيمٍ دَائِمٍ، وَخُلُودٍ مُتَّصِلٍ، وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي جِوَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، وَأَقْدَرِ الْقَادِرِينَ، وَأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَبِيَدِهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ، الْأَوَّلُ بِالْحَقِّ، الْمَوْجُودُ بِالضَّرُورَةِ، الْمَعْرُوفُ بِالْفِطْرَةِ، الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ الْعُقُولُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَوْجُودَاتُ، وَشَهِدَتْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَقَرَّتْ بِهَا الْفِطَرُ، الْمَشْهُودُ وَجُودُهُ وَقَيُّومِيَّتُهُ بِكُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ، بِكُلِّ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ وَمَا سَيَكُونُ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّبَاتَاتِ، وَبَثَّ بِهِ فِي الْأَرْضِ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: ٦١] الَّذِي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيُغِيثُ الْمَلْهُوفَ إِذَا نَادَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute