للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاتِمٌ الْأَصَمُّ: لَا تَغْتَرَّ بِمَكَانٍ صَالِحٍ، فَلَا مَكَانَ أَصْلَحُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَقِيَ فِيهَا آدَمُ مَا لَقِيَ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ بَعْدَ طُولِ الْعِبَادَةِ لَقِيَ مَا لَقِيَ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ بَلْعَامَ بْنَ بَاعُورَا لَقِيَ مَا لَقِيَ وَكَانَ يَعْرِفُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، وَلَا تَغْتَرَّ بِلِقَاءِ الصَّالِحِينَ وَرُؤْيَتِهِمْ، فَلَا شَخْصَ أَصْلَحُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِلِقَائِهِ أَعْدَاؤُهُ وَالْمُنَافِقُونَ.

وَالْخَوْفُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ هُوَ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ قَصْدَ الْوَسَائِلِ، وَلِهَذَا يَزُولُ بِزَوَالِ الْمَخُوفِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

وَالْخَوْفُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ، وَالْمَحَبَّةُ تَتَعَلَّقُ بِالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، وَلِهَذَا تَتَضَاعَفُ مَحَبَّةُ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ إِذَا دَخَلُوا دَارَ النَّعِيمِ، وَلَا يَلْحَقُهُمْ فِيهَا خَوْفٌ، وَلِهَذَا كَانَتْ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ وَمَقَامُهَا أَعْلَى وَأَرْفَعَ مِنْ مَنْزِلَةِ الْخَوْفِ وَمَقَامِهِ.

وَالْخَوْفُ الْمَحْمُودُ الصَّادِقُ: مَا حَالَ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَبَيْنَ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا تَجَاوَزَ ذَلِكَ خِيفَ مِنْهُ الْيَأْسُ وَالْقُنُوطُ.

قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: صِدْقُ الْخَوْفِ هُوَ الْوَرَعُ عَنِ الْآثَامِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>