وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت)) رواه مسلم. وفي رواية للشافعي:((والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، أنا بك وإليك، لا منجا منك ولا ملجأ إلا إليك، تباركت)) .
٨٢٠- (٣) وعن أنس ((أن رجلاً جاء فدخل الصف، وقد حفزه النفس، فقال: الله أكبر، الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال:
ــ
أي جميع ما فرط مني، قاله الطيبي: وقيل: ما قدمت قبل النبوة وما أخرت بعدها. وقيل: ما أخرته في علمك مما قضيته علي. وقيل: معناه إن وقع مني في المستقبل ذنب فاجعله مقروناً بمغفرتك. فالمراد من طلب المغفرة قبل الوقوع أن يغفر إذا وقع. (وما أسررت، وما أعلنت) أي جميع الذنوب؛ لأنها إما سر أو علن (وما أسرفت) أي جاوزت الحد (وما أنت أعلم به مني) أي من ذنوبي التي لا أعلمها عدداً وحكماً (أنت المقدم وأنت المؤخر) قال البيهقي: قدم من شاء التوفيق إلى مقامات السابقين، وأخر من شاء عن مراتبهم. وقيل: قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده وأخر من أبعده عن غيره، فلا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم. وقيل: أنت الرافع والخافض، والمعز المذل على ما تقتضيه حكمتك. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي مطولاً وابن ماجه مختصراً وابن حبان والدارقطني والشافعي. (والمهدي من هديت) أي لا مهدي إلا من هديته، وترك مقابله وهو لا ضال إلا من أضللته لما تقدم من مراعاة الأدب، أو هو من باب الاكتفاء بمقابله كقوله تعالى:{سرابيل تقيكم الحر}[١٦: ٨١](لا منجا) بالقصر لا غير. وهو مصدر ميمي أو اسم مكان، أي لا موضع ينجو به اللائذ (منك) أي من عذابك (ولا ملجأ) الأصل فيه الهمز، ومنهم من يلين همزته ليزدوج مع منجا، أي لا ملاذ عند نزول النوائب وحصول المصائب (إلا إليك) فإنك المفرج عن المهمومين، والمعيذ للمستعيذين. أو المراد "لا مهرب ولا مخلص ولا ملاذ لمن طالبته إلا إليك" والحديث يدل على مشروعية الاستفتاح بما في هذا الحديث. قال النووي: إلا أن يكون إماماً لقوم لا يرون التطويل. وفيه استحباب الذكر في الركوع، والسجود، والاعتدال، والدعاء قبل السلام.
٨٢٠- قوله:(وقد حفزه) بفتح الحاء المهملة والفاء والزاي المعجمة (النفس) بفتحتين، أي جهده النفس من شدة السعي إلى الصلاة. وأصل الحفز الدفع العنيف، قاله الخطابي. وقال النووي: أي ضغطه لسرعته (حمداً كثيراً) قال الطيبي: منصوب بمضمر يدل عليه الحمد، ويحتمل أن يكون بدلاً منه جارياً على محله. وقوله:(طيباً) وصف له، أي خالصاً عن الرياء والسمعة. وقوله:(مباركاً فيه) يقتضي بركة وخيراً كثيراً يترادف إرفاده، ويتضاعف إمداده. قال