أنا بك، وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك. وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك أمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي. فإذا رفع رأسه قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفرلي ما قدمت وما أخرت،
ــ
إنه مما يجب تأويله؛ لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها. (أنا بك وإليك) أى توفيقي بك والتجائي وانتمائي إليك، أو وجودي بإيجادك، ورجوعي إليك، أو بك أعتمد، وإليك ألتجئ، أو نحو هذا الكلام (تباركت) أي أستحققت الثناء. وقيل: ثبت الخير عندك. وقال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك. وقيل: تكاثر خيرك. وأصل الكلمة للدوام والثبوت (وتعاليت) أي ارتفع عظمتك وظهر قهرك وقدرتك على من في الكونين. وقيل: أي عن مشابهة كل شيء (لك ركعت، وبك آمنت) في تقديم الجار إشارة إلى التخصيص (ولك أسلمت) أي لك ذللت وانقدت، أو لك أخلصت وجهي (خشع) أي خضع وتواضع، وأقبل عليك أو سكن من قولهم: خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت (لك سمعي وبصري) خصهما من بين الحواس؛ لأن أكثر الآفات بهما، فإذا خشعتا قلت الوساوس (ومخي) بضم الميم وتشديد المعجمة. قال ابن رسلان: المراد به هنا الدماغ، وأصله الودك الذي في العظم وخالص كل شيء (وعصبي) العصب بفتحتين طنب المفاصل، وهو ألطف من العظم (فإذا رفع رأسه) أي من الركوع قال أي بعد قوله: "سمع الله لمن حمده" كما في رواية للترمذي (ملء السموات) بكسر الميم ونصب الهمزة بعد اللام ورفعها، والنصب أشهر صفة مصدر محذوف، وقيل: حال، أي حال كونه مالئاً لتلك الأجرام على تقدير تجسمه، والرفع على أنه صفة الحمد (وملء ما شئت من شيء بعد) بالبناء على الضم، أي بعد السموات والأرض وما بينهما كالكرسي والعرش وغيرهما مما لم يعلمه إلا الله. والمراد الاعتناء في تكثير الحمد (سجد وجهي) أي خضع وذل وانقاد (وصوره) زاد مسلم في رواية وأبوداود: "فأحسن صوره" وهو الموافق لقوله تعالى: {فأحسن صوركم}[٤٠: ٦٤] . (أحسن الخالقين) أي المصورين والمقدرين، فإنه الخالق الحقيقي المنفرد بالإيجاد والإمداد وغيره إنما يوجد صوراً مموهة ليس فيها شيء من حقيقة الخلق مع أنه تعالى خالق كل صانع وصنعته. {والله خلقكم وما تعملون}{والله خالق كل شيء} . (ثم يكون) أي بعد فراغه من ركوعه وسجوده (ما قدمت) من سيئة (وما أخرت) من عمل