للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفرلي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت. لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك.

ــ

منشأه توهم أن معنى "وأنا أول المسلمين" إني أول شخص اتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه، وليس كذلك، بل معناه بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} [٤٣: ٨١] وظاهر الإطلاق أنه لا فرق في قوله: "وأنا من المسلمين"، وقوله: "أنا من المشركين" بين الرجل والمرأة، وهو صحيح على إرادة الشخص. وفي المستدرك للحاكم من رواية عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: قومي فاشهدي أضحيتك وقولي إن صلاتي ونسكي، إلى قوله "وأنا من المسلمين" فدل على ما ذكرناه (اللهم) أي يا الله! والميم بدل عن حرف النداء ولذا لا يجمع بينهما إلا في الشعر (أنت الملك) أي القادر على كل شيء، المالك الحقيقي لجميع المخلوقات (وأنا عبدك) أي معترف بأنك مالكي ومدبري وحكمك نافذ في (ظلمت نفسي) أي اعترفت بالتقصير. قدمه على سؤال المغفرة أدباً كما قال آدم وحواء عليهما السلام: {ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفرلنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [٧: ٢٣] . (فاغفر لي ذنوبي) أي تقصيراتي (إنه) بالكسر استئناف فيه معنى التعليل والضمير للشأن (لا يغفر الذنوب) أي جميعها (واهدني لأحسن الأخلاق) أي أرشدني لأكملها وأفضلها، ووفقني للتخلق بها، وثبتني عليها (واصرف عني سيئها) أي قبيحها (لبيك) أي أقيم على طاعتك وامتثال أمرك إقامة متكررة. يقال: لب بالمكان لباً وألب إلباباً أي أقام به. وثنى هذا المصدر مضافا إلى الكاف، وأصل "لبيك" لبين حذفت النون للإضافة وأريد بالتثنية التكرير من غير نهاية (وسعديك) أي أسعد أمرك واتبعه إسعاداً متكرراً (والخير كله في يديك) معناه الإقرار بأن كل خير واصل إلى العباد ومرجو وصوله فهو في يديه تعالى (والشر ليس إليك) أي لا يضاف إليك على انفراده، فلا يقال: يا رب الشر، ويا خالق القردة والخنازير، ونحو هذا، وإن كان خالق كل شيء ورب كل شيء، ففيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساوئها على جهة الأدب، وليس المقصود نفي شيء عن قدرته، أو إثبات شيء لغيره. وقيل: معنا الشر ليس مما يتقرب به إليك، بل هو سبب إبعاد، والتقدير: والشر ليس مقربا إليك. ولا بد من حذف لأجل خبر ليس فيقدر هنا خاصاً. وقيل: معناه: الشر لا يصعد إليك، فإنه إنما يصعد إليه الكلم الطيب والعمل الصالح. وقيل: معناه الشر ليس شراً بالنسبة إليك، فإنك خلقته لحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين. وقيل: هذا كقول القائل: "فلان إلى بني تميم" إذا كان عداده فيهم أو صفوه معهم، حكى هذه الأقوال النووي. وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>