للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفخه الكبر، ونفثه الشعر، وهمزه المؤتة.

٨٢٤- (٧) وعن سمرة بن جندب: ((أنه حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتين: سكتة إذا كبر،

ــ

وعمرو بن مرة هو عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي- بفتح الجيم والميم- المرادي، أبوعبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد، كان لا يدلس، ورمي بالإرجاء، من رواة الكتب الستة. مات سنة (١١٠) وقيل قبلها. (نفخه) بالرفع على الإعراب، وبالجر على الحكاية. (الكبر) بكسر فسكون، أي التكبر، وهو أن يصير الإنسان معظماً كبيراً عند نفسه، ولا حقيقة له إلا مثل الشيطان نفخ فيه فانتفخ فرأى انتفاخه مما يستحق به التعظيم مع أنه على العكس. قال الزمخشري في الفائق: إنما سمي الكبر نفخاً لما يوسوس إليه الشيطان في نفسه فيعظمها ويحقر الناس في عينه. (ونفثه الشعر) فإنه ينفثه من فيه كالرقية. والمراد الشعر المذموم وإلا فقد جاء: "إن من الشعر لحكمة". وقيل: إنما كان الشعر من نفثة الشيطان؛ لأنه يدعو الشعراء المداحين الهجائين المعظمين المحقرين إلى ذلك. (وهمزه المؤتة) بضم الميم وهمزة ساكنة، وقيل: بلا همز، بعدها مثناة فوقية، نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان، فإذا أفاق عاد عليه كمال عقله. وقال أبوعبيدة: المؤتة الجنون، سماه همزاً؛ لأنه جعله من النخس والغمز، وكل شيء دفعته فقد همزته. قال ابن سيد الناس: وتفسير الثلاثة بذلك من باب المجاز- انتهى. والحديث يدل على مشروعية الافتتاح بما ذكر فيه. وفيه أيضاً مشروعية التعوذ من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه، وقد ورد في التعوذ أحاديث أخرى: منها حديث أبي سعيد، وقد ذكرنا لفظه، ومنها حديث أبي أمامة أخرجه أحمد بنحو حديث أبي سعيد. ومنها حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والبيهقي. ومنها حديث أنس أخرجه الدارقطني. ومنها ما روي عن عمر موقوفاً عند الدارقطني أيضاً، هذا مع ما يؤيد ثبوت هذه السنة من عموم قوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} [١٦: ٩٨] . ثم إن حديث أبي سعيد مصرح بأن التعوذ المذكور يكون بعد الافتتاح بالدعاء المذكور في الحديث. قال الشوكاني: الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى. وقد ذهب الحسن وعطاء وإبراهيم إلى استحبابه في كل ركعة، محتجين بعموم قوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن، وهي أعم من أن يكون القاري خارج الصلاة أو داخلها. وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة تدل على المنع منه حال الصلاة من غير فرق بين الاستعاذة وغيرها مما لم يرد به دليل يخصه، ولا وقع الإذن بخسه، فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط. وسيأتي حديث أبي هريرة الدال على ذلك.

٨٢٤- قوله: (سكتة إذا كبر) أي للإحرام، وكانت هذه السكتة لدعاء الاستفتاح كما وقع بيانها في حديث أبي هريرة السابق أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسكت بيت التكبير والقراءة، يقول: اللهم باعد بيني، الخ. فالمراد من السكتة ههنا

<<  <  ج: ص:  >  >>