للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه فقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم

ــ

فتحها: أعلى الشيء والجمع ذرى بالضم، والسنام بفتح السين ما ارتفع من ظهر الجمل قريب عنقه يقال له بالفارسية "كوهان شتر"، (رأس الأمر الإسلام) قد جاء تفسير الإسلام في رواية أخرى بالشهادتين، ففي رواية أحمد من طريق شهر بن حوشب عن ابن غنم عن معاذ أن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، قال القاري: وهو من باب التشبيه المقلوب، إذ المقصود تشبيه الإسلام برأس الأمر؛ ليشعر بأنه من سائر الأعمال بمنْزلة الرأس من الجسد في احتياجه إليه وعدم بقائه دونه (وعموده الصلاة) أي ما يقوم به الدين كما يقوم الفسطاط على عموده هي الصلاة، وفي الرواية المشار إليها ((وأن قوام هذا الأمر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة)) ، (وذروة سنامه الجهاد) فيه إشارة إلى صعوبة الجهاد وعلو أمره، وهو يدل على أنه أفضل الأعمال بعد الفرائض كما هو قول الإمام أحمد وغيره من العلماء، قال التوربشتي: المراد بالإسلام كلمتا الشهادة، وبالأمر أمر الدين يعني ما لم يقر العبد بكلمتي الشهادة لم لكن له من الدين شيء أصلاً، وإذا أقر بهما حصل له أصل الدين إلا أنه ليس له عمود، فإذا صلى وداوم على الصلاة قوي دينه ولكن لم يكن له رفعة وكمال، فإذا جاهد حصل لدينه رفعة (بملاك ذلك كله) الملاك بكسر الميم وفتحها لغة، والرواية الكسر: ما به إحكام الشيء وتقويته، أي بما به يملك الإنسان ذلك كله بحيث يسهل عليه جميع ما ذكر من تلك العبادات (فأخذ) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بلسانه) الضمير راجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (كف) الرواية بفتح الفاء المشدد أي امنع (هذا) إشارة إلى اللسان، وتقديم المجرور على المنصوب للاهتمام به، وتعديته بعلى للتضمين أو بمعنى عن، وإيراد اسم الإشارة لمزيد التعيين أو للتحقير، وهو مفعول كف، والمعنى: لا تتكلم بما لا يعنيك، فإن من كثر من كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ولكثرة الكلام مفاسد يطول إحصاءها وارجع لذلك إلى الإحياء (لمؤاخذون) بالهمزة ويبدل، أي هل يؤاخذنا ويعاقبنا أو يحاسبنا ربنا (بما نتكلم به) أي بجميعه، إذ لا يخفى على معاذ المؤاخذة ببعض الكلام (ثكلتك أمك) بكسر الكاف أي فقدتك، وهو دعاء عليه بالموت ظاهراً، ولا يراد وقوعه بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة (وهل يكب) بفتح الياء وضم الكاف وتشديد الباء، من كبه إذا صرعه على وجهه، بخلاف أكب فإن معناه سقط على وجهه، وهو من النوادر، وهو عطف على مقدر، أي هل تظن غير ما قلت، وهل يكب (على وجوههم أو على مناخرهم) شك من الراوي، والمناخر جمع منخر بفتح الميم وكسر الخاء وفتحها ثقب الأنف

<<  <  ج: ص:  >  >>