للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة الم تنزيل السجدة، وفي رواية: في كل ركعة قدر ثلاثين آية. وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك)) رواه مسلم.

ــ

ونقدر. وفي قوله: "كنا نحزر" ما يدل على أن المقدرين بذلك جماعة، وقد أخرج ابن ماجه أن الخارصين ثلاثون رجلاً من الصحابة. (قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر) أي مقدار طول قيامه في الصلاتين. (الم تنزيل) بالرفع على الحكاية، قال القاري: ويجوز جره على البدل، ونصبه بتقدير: "أعني". (السجدة) قال النووي: يجوز جر: "السجدة" على البدل، ونصبها بأعني. ورفعها على خبر مبتدأ محذوف، ولا يخفى أن هذه الوجوه الثلاثة كلها مبنية على رفع: "تنزيل" حكاية، وأما على إعرابه فيتعين جر: "السجدة" على الإضافة قاله القاري. (وفي رواية في كل ركعة قدر ثلاثين آية) . أول هذه الرواية عند مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية. فيحمل الرواية المطلقة المتقدمة على هذه المقيدة بقوله: "في كل ركعة". (قيامه في الأخريين) أي من الظهر. (قدر النصف من ذلك) فيه دلالة على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ غير الفاتحة معها في الأخريين من الظهر، ويزيده دلالة على ذلك قوله: (وحزرنا) كذا في جميع النسخ من غير زيادة لفظ: "قيامه" وفي مسلم: وحزرنا قيامه. (في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر) ومعلوم أنه كان يقرأ في الأوليين من العصر سورة غير الفاتحة. (وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك) أي من الأوليين منه. وفي رواية لمسلم: وفي الأخريين. (أى من الظهر) قدر قراءة خمس عشرة آية، أو قال: نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك. وفيه دليل على أنه لا يقرأ في الأخريين من العصر إلا الفاتحة، وأنه يقرأ في الأخريين من الظهر غيرها معها. وقد تقدم الكلام في هذا. وحديث أبي سعيد هذا يدل على تخفيف الأخريين من الظهر والعصر من الأوليين منهما. ويدل أيضاً على استحباب التخفيف في صلاة العصر وجعلها على النصف من صلاة الظهر، والحكمة في إطالة الظهر أنها في وقت غفلة بالنوم في القائلة فطولت ليدركها المتأخر، والعصر ليست كذلك، بل تفعل في وقت تعب أهل الأعمال فخففت. وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطول في صلاة الظهر تطويلاً زائداً على هذا المقدار كما في حديث أبي سعيد عند مسلم، والنسائي: أن صلاة الظهر كانت تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يتوضأ، ثم يأتي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الأولى مما يطولها. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود وأخرجه ابن ماجه بسند ضعيف بألفاظ أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>