كلمة ما يحتمل أن تكون نكرة موصوفة، أي تطويلاً لا يطلبه في الثانية، وأن تكون مصدرية أي غير إطالته في الثانية، فتكون هي مع ما في حيزها صفة لمصدر محذوف. (وهكذا) يقرأ في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الأخريين بها فقط، ويطول في الأولى، ويسمع الآية أحياناً. (في العصر) أي في صلاة العصر. (وهكذا) أي يطيل في الركعة الأولى في صلاة الصبح، فالتشبيه في تطويل المقروء في الأولى فقط، بخلاف التشبيه في العصر، فإنه أعم منه. والحديث يدل على استحباب تطويل الركعة الأولى بالنسبة إلى الثانية، وهذا هو مذهب أحمد، ومحمد بن الحسن في جميع الصلوات، وبه قال بعض الشافعية لهذا الحديث المصرح به في الظهر والعصر والفجر، وقياس غيرها عليها. وعند أبي حنيفة، وأبي يوسف يسوى بين الركعتين إلا في الفجر، فإنه يطول الأولى على الثانية، وبه قال بعض الشافعية، ويدل عليه حديث أبي سعيد الآتي: كان يقرأ في الظهر في الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية. وفي رواية لابن ماجه: إن الذين حزروا ذلك كانوا ثلاثين من الصحابة. وأجيب لهما عن حديث أبي قتادة بأن تطويل الأولى كان بدعاء الاستفتاح والتعوذ لا في القراءة. وادعى ابن حبان أن الأولى إنما طالت على الثانية بالزيادة في الترتيل فيها مع استواء المقروء فيهما. وقد روى مسلم من حديث حفصة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها. قلت: والراجح عندي هو ما ذهب إليه أحمد ومحمد من أنه يستحب تطويل الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها، وأن تطويل الأولى في الظهر والعصر كان في القراءة لا بدعاء الاستفتاح والتعوذ، أو بالزيادة في الترتيل؛ لأن المذكور في الحديث هو القراءة لا غير، فالظاهر أن التطويل والتقصير راجعان إلى ما ذكر فيه وهو القراءة. ولما روى أبوداود عن عبد الله بن أبي أوفي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم. وتقديم حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد أولى؛ لأنه أصح، ويتضمن زيادة، وهي ضبط التفريق بين الركعتين. أو يجمع بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطول الأولى تارة ويسوى بين الركعتين أخرى. وقال الحافظ في الفتح: وقال البيهقي في الجمع بين الأحاديث: يطول في الأولى إن كان ينتظر أحداً، وإلا فليسو بين الأوليين. وروى عبد الرزاق نحوه عن ابن جريج عن عطاء قال: إني أحب أن يطول الإمام الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، فإذا صليت لنفسي فإني أحرص على أن أجعل الأوليين سواء. وذهب بعض الأئمة إلى استحباب تطويل الأولى من الصبح دائماً، وأما غيرها فإن كان يترجى كثرة المأمومين ويبادر هو أول الوقت فينتظر، وإلا فلا، وذكر في حكمة اختصاص الصبح بذلك أنها تكون عقب النوم والراحة، وفي ذلك الوقت يواطئ السمع واللسان القلب لفراغه، وعدم تمكن الاشتغال بأمور المعاش وغيرها منه. والعلم عند الله. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي وابن ماجه.
٨٣٥- قوله:(كنا نحزر) بفتح النون وسكون الحاء المهملة وضم الزاي بعدها راء، من الحزر، أي نخرص