٨٥١- (٢٤) وعن وائل بن حجر، قال:((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال: آمين، مد بها صوته)) .
ــ
وصححها الحاكم هذه الطريق، وخطأه الحافظ في ذلك؛ لأن في إسنادها عبد الله بن عمرو بن حسان، وقد نسبه ابن المديني إلى الوضع للحديث. وقد رواه الدارقطني وإسحاق بن راهوية في مسنده، عن يحيى بن آدم، عن شريك. ولم يذكر ابن عباس في إسناده بل أرسله، وهو الصواب من هذا الوجه، قاله الحافظ في التلخيص (ص٨٨) ، وقال أبوعمر: الصحيح في هذا الحديث أنه روى عن ابن عباس من فعله، لا مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
٨٥١- قوله:(وعن وائل بن حجر) بتقديم الحاء المهملة المضمومة على الجيم الساكنة، صحابي جليل، كان من ملوك اليمن من بقية أولاد الملوك بحضر موت، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزله، وأصعده معه على المنبر، وأقطعه القطائع، وكتب له عهداً، وقال: هذا وائل بن حجر سيد الأقيال، جاءكم حباً لله ولرسوله. ثم سكن الكوفة، ومات في خلافة معاوية، وتقدم ترجمته بأبسط من هذا. (فقال: آمين) فيه دليل على أن الإمام يقول آمين، خلافاً لما رواه ابن القاسم عن مالك: أن الإمام لا يقول آمين، وإنما يقول ذلك من خلفه، وهو قول المصريين من أصحاب مالك، وقال جمهور أهل العلم: يقولها الإمام كما يقولها المنفرد والمأموم، وهو قول مالك في رواية المدنيين، وقول الجمهور هو الحق. (مد بها صوته) أي رفع بكلمة آمين صوته وجهر، ورواه أبوداود بإسناد صحيح بلفظ: فجهر بآمين. ورواه أيضاً بإسناد صحيح بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ {ولا الضالين}[٧:١] . قال: آمين، ورفع بها صوته. فظهر أن المراد من قوله:"ومد بها صوته" جهر بها ورفع صوته بها، فإن الروايات يفسر بعضها بعضاً، ولهذا قال الترمذي عقب رواية الحديث بلفظ:"مد بها صوته"، وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتابعين، ومن بعدهم، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها. وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات: قوله: "مد بها صوته" أي بكلمة آمين، يحتمل الجهر بها، ويحتمل مد الألف على اللغة الفصيحة. والظاهر هو الأول بقرينة الروايات الأخر، ففي بعضها: يرفع بها صوته. هذا صريح في معنى الجهر- انتهى. قلت: حمل هذا اللفظ على رفع الصوت والجهر متعين للروايات الأخر لهذا الحديث، ولأن لفظ المد مع الصوت لا يطلق إلا على رفع الصوت والجهر كما لا يخفى على من تتبع مظان استعمال هذا اللفظ وموارده. فالحديث حجة قوية لمن قال باستنان الجهر بالتأمين ورفع الصوت به. وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، وهو القول الأرجح القوي المعول عليه، لأنه لم يثبت في الإسرار بالتأمين وترك الجهر به شيء، لا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة كما ستعرف. وقد ورد في الجهر به أحاديث كثيرة أكثرها صحيحة، فمنها: حديث وائل هذا. ومنها: حديث أبي هريرة السابق: "إذا أمن الإمام فأمنوا" وقد تقدم تقريره.