وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: قال الربيع: سئل الشافعي عن الإمام هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم، ويرفع بها من خلفه أصواتهم. فقلت: ما الحجة؟ قال: أنا مالك، وذكر حديث أبي هريرة المتفق على صحته، ثم قال: ففي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمن الإمام فأمنوا" دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين، لأن من خلفه لا يعرفون وقت تأمينه إلا أن يسمع تأمينه، ثم بيّنه ابن شهاب فقال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"آمين"، فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين، فقال: هذا خلاف ما روى صاحبنا وصاحبكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو لم يكن عندنا وعندهم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرناه عن مالك فينبغي أن يستدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بآمين، وأنه أمر الإمام أن يجهر بها، فكيف ولم يزل أهل العلم عليه، وروى وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: آمين، يرفع بها صوته، ويحكي مده إياها- انتهى. ومنها: حديث آخر لأبي هريرة أخرجه الدارقطني (ص١٢٧) والحاكم (ج١:ص٢٢٣) عنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال آمين. قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث: قال الدارقطني: إسناده حسن. والحاكم: صحيح على شرطهما. والبيهقي: حسن صحيح- انتهى. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: رواه الحاكم بإسناد صحيح- انتهى. قلت: في سنده إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، قال أبوحاتم: شيخ لا بأس به، ولكنهم يحسدونه، سمعت ابن معين أثنى عليه خيراً، وقال النسائي ليس بثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وأخرجه أبوداود وابن ماجه من طريق بشر بن رافع، عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تلا:{غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول. ولفظ ابن ماجه: إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: آمين، حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد. وبشر بن رافع وثقه ابن معين، وابن عدي كما في الخلاصة للخزرجى، وضعفه غير واحد، وأبوعبد الله بن عم أبي هريرة مقبول كما في التقريب. قال النيموي في رسالته الحبل المتين (ص١٧) : حديث أبي داود هذا حسن لغيره، وأخرجه الحميدى من طريق سفيان، عن سعيد المقبري، وقد صرح النيموي في تلك الرسالة (ص١٦) بصحة هذا الطريق حيث قال بعد ذكره: هذا حديث مرفوع، صحيح الإسناد- انتهى. ولأبي هريرة حديث ثالث في الجهر بالتأمين أخرجه النسائي وغيره عن نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال: آمين، فقال الناس آمين- الحديث. وفي آخره: وإذا سلم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإسناده صحيح، ويثبت من هذا الحديث الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بالتأمين، ويثبت منه أيضاً أن الصحابة والتابعين كانوا يجهرون بالتأمين خلف أبي هريرة. ومنها: حديث أم الحصين أخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده: أنها صلت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قال: