عن أبيه. وأخرجه الحاكم في أوائل التفسير (ج٢: ص٢٣٢) ولفظه: ويخفض بها صوته. والجواب: أن حديث وائل هذا لا يصلح للاستدلال، فإن الشعبة قد تفرد بهذا اللفظ، وهو مضطرب من جهة المتن ومن جهة الإسناد أيضاً، لأن شعبة لم يضبط إسناده ولا متنه، بل اضطرب فيهما، أما اضطرابه في الإسناد فظاهر لمن تأمل في طرقه، وأما اضطرابه في المتن فقال مرة: رافعاً صوته، كما في رواية البيهقي في سننه، وقال مرة: أخفى بها صوته، وقال مرة خفض بها صوته، كما تقدم. وهذه الألفاظ متباينة المفاهيم، متخالفة المعاني. ولو سلم أن حديث شعبة سالم عن الاضطراب في الإسناد والمتن فلفظ "أخفى بها صوته" أو "خفض بها صوته" فيه شاذ، فإنه قد تفرد بهذا اللفظ شعبة، عن سلمة بن كهيل، ولم يتابعه عليه أحد لا ثقة ولا ضعيف، ومع ذلك قد خالف فيه ثلاثة ثقات وضعيفاً من أصحاب سلمة بن كهيل، أما الثقات فالأول منهم سفيان الثوري، وهو أحفظ من شعبة، فإنه رواه عن سلمة بن كهيل بلفظ:"رفع بها صوته"، وقد تقدم التنبيه عليه. والثاني علي بن صالح، فإنه رواه عن سلمة بن كهيل بلفظ: فجهر بآمين، وروايته في سنن أبي داود، وعلي ابن صالح هذا ثقة. والثالث العلاء بن الصالح، قال الترمذي في جامعه: روى العلاء بن صالح الأسدي عن سلمة بن كهيل نحو رواية سفيان، والعلاء بن صالح ثقة. قال الخزرجي في الخلاصة: وثقه ابن معين. وأما الضعيف فمحمد بن سلمة بن كهيل. قال الدارقطني بعد رواية حديث شعبة: هكذا قال شعبة: وأخفى بها صوته. ويقال: إنه وهم، لأن سفيان الثوري، ومحمد بن سلمة، وغيرهما رووه عن سلمة بن كهيل فقالوا: ورفع بها صوته- انتهى. وقال الشيخ عبد الحي اللكنوي في "عمدة الرعاية" اتفق الحافظ – وإليهم المرجع في تنقيد الأسانيد – على أن في سنده (أى في سند حديث شعبة) خدشة وخطأ من شعبة- أحد رواته – والصحيح "فجهر بها" انتهى. وقال بحر العلوم اللكنوي: وأما الإسرار بالتأمين فهو مذهبنا، ولم يرو فيه إلا ما روى الحاكم، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا بلغ {ولا الضالين} قال: آمين، وأخفى بها صوته، وهو ضعيف. وقد بيّن في "فتح القدير" وجه ضعفه-انتهى. وقال البيهقي قد أجمع الحافظ: البخاري وغيره على أن شعبة أخطأ في هذا الحديث، فقد روى من أوجه "فجهر بها" انتهى. واستدلوا أيضاً بما تقدم من حديث سمرة بن جندب: أنه حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتين: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة (غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قالوا: الأظهر أن السكتة الثانية كانت للتأمين سراً والجواب: أن السكتة الثانية لم تكن للتأمين سراً، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر صوته بالتأمين، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - الإسرار بالتأمين أصلاً، فكيف يقال: إنها كانت للتأمين سراً؟ بل السكتة الثانية كانت لأن يتراد إليه نفسه، كما صرح به قتادة في بعض رواياته. واستدلوا أيضاً بقوله عليه السلام: لا تبادروا الإمام، إذا كبر فكبروا، وإذا قال:{ولا الضالين} فقولوا: آمين. أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. قالوا: يستفاد منه أن الإمام لا يجهر بآمين،