للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه الترمذي وأبوداود والدارمي وابن ماجه.

ــ

هي من توابع الدعاء، ولذلك لا يدعى بآمين وحدها، بل يدعى بدعاء أولاً ثم تقال هي عقيبه، فالظاهر أن يكون الجهر بها والإخفاء بها تابعاً لأصل الدعاء، إن جهرا فجهراً، وإن سرا فسراً. ولو سلم أن "آمين" دعاء بالأصالة فنقول: إن الجهر بالتأمين مخصوص منه لأحاديث الجهر بالتأمين، كما خص منه قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [١: ٧] فإنه دعاء، ويقرأ في الصلاة الجهرية، وكذلك كثير من الأدعية قد ثبت الجهر بها بالاتفاق، فهذا الاعتذار من الحنفية مما لا يلتفت إليه. ومنها: أن الجهر كان أحياناً للتعليم كما جهر عمر بن الخطاب بالثناء عند الافتتاح كذلك كان الجهر بالتأمين تعليماً. وفيه: أن القول بأن جهره - صلى الله عليه وسلم - بالتأمين كان للتعليم باطل، فإنه ادعاء محض لا دليل عليه، ويدل على بطلانه أن الصحابة كانوا يجهرون خلف الإمام حتى كان للمسجد رجة، فلو كان جهره - صلى الله عليه وسلم - بالتأمين للتعليم لم يجهروا بالتأمين خلف إمامهم، وأيضاً لو كان جهره به للتعليم كان أحياناً لا على الدوام. وقد روى أبوداود وغيره بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ {ولا الضالين} قال "آمين" ورفع بها صوته. فهذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يداوم على الجهر. ومنها: أن الجهر بآمين كان في ابتداء الأمر ثم ترك. وفيه: أن هذا أيضاً ادعاء محض فلا يلتفت إليه. ومما يدل على بطلانه أن الجهر روي من حديث وائل بن حجر وهو إنما أسلم في أواخر الأمر كما ذكره الحافظ في الفتح وغيره. قال الشيخ عبد الحي اللكنوي في السعاية: وجدنا بعد التأمل والإمعان أن القول بالجهر بآمين هو الأصح لكونه مطابقاً لما روي عن سيد بني عدنان، ورواية الخفض عنه - صلى الله عليه وسلم - ضعيفة لا توازي روايات الجهر، ولو صحت وجب أن تحمل على عدم القرع العنيف. وأي ضرورة داعية إلى حمل روايات الجهر على بعض الأحيان، أو الجهر للتعليم مع عدم ورود شيء من ذلك في رواية. والقول بأنه كان في ابتداء الأمر أضعف، لأن الحاكم قد صححه من رواية وائل بن حجر، وهو إنما أسلم في أواخر الأمر كما ذكره ابن حجر في فتح الباري-انتهى. وقد ظهر بهذا كله أن القول برفع الصوت بالتأمين والجهر به هو الراجح القوي، وقد اعترف بذلك الشيخ عبد الحي حيث قال في التعليق الممجد: الإنصاف أن الجهر قوي من حيث الدليل-انتهى. (رواه الترمذي) وحسنه. (وأبوداود) وسكت عليه، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره. (والدارمي وابن ماجه) وأخرجه أيضاً الدارقطني وابن حبان كلهم من طريق سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر. قال الحافظ في التلخيص: سنده صحيح، وصححه الدارقطني-انتهى. وقد اعترف غير واحد من العلماء الحنفية بأن حديث وائل هذا صحيح كالشيخ عبد الحق الدهلوي في ترجمة المشكاة، والشيخ أبي الطيب السندي، والشيخ سراج أحمد السرهندي في شرحيهما للترمذي، وقد تقدم أن شعبة روى هذا الحديث فقال فيه: وأخفى بها صوته. وفي رواية: خفض بها صوته. وقد أسلفنا أنه اتفق الحفاظ على غلطه فيها، وأن الصواب المعروف: مد ورفع بها صوته. وارجع لتفصيل الكلام وبسطه إلى تحفة

<<  <  ج: ص:  >  >>