للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٦١- (٣٤) وعن أبي هريرة، ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ فقال رجل: نعم، يا رسول الله! قال: إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جهر فيه بالقراءة من الصلوات

ــ

ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتقرؤون خلفي؟ قالو: نعم يا رسول الله! إنا لنهذه هذا. قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، أخرجه البخاري في جزء القراءة. والبيهقي في كتاب القراءة. وإسناده حسن، رجاله ثقات. ومنها: حديث أبي قتادة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أتقرؤون خلفي؟ قلنا، نعم قال فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب. أخرجه البيهقي في كتاب القراءة. ومنها: حديث عبادة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام. أخرجه أيضاً البيهقي في كتاب القراءة، وقال: إسناده صحيح، والزيادة التي فيه صحيحة مشهورة من أوجه كثيرة، كذا في كنز العمال (ج٤: ص٢٠٨) .

٨٦١- قوله: (انصرف) أي فرغ. (من صلاة جهر فيها بالقراءة) وعند ابن عبد البر: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح، وفي رواية لأبي داود: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة نظن أنها الصبح. (هل قرأ معي أحدكم آنفاً؟) بمد أوله وكسر النون. يعني الآن، وأراد به قريباً. والمد هو المشهور، وقد يقصر، والاستفهام للتقرير لا لطلب التصديق، لأن قراءة من قرأ خلفه كانت بالجهر فكانت مسموعة له - صلى الله عليه وسلم -. والدليل عليه ما رواه البيهقي في جزء القراءة (ص١٣) قال: حدثنا محمود: ثنا البخاري قال: ثنا أبوالوليد قال: ثنا الليث، عن الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة، قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة تجهر فيها، فلما قضى الصلاة قال: من قرأ معي؟ قال رجل: أنا. قال: إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ فهذه الرواية صريحة في أن السؤال ليس عن نفس القراءة وأصلها، لأنها كانت بالجهر لا بالسر، بل عن تعيين القاري، فلا بد أن يحمل قوله ههنا: "هل قرأ أحد منكم" على ذلك أي يجعل محط السؤال قوله " أحد منكم". (فقال رجل: نعم) وفي رواية "فقال رجل نعم أنا"، وهذا أيضاً يدل على أن السؤال كان عن تعيين القاري لا عن نفس القراءة. (إني أقول) في نفسي. (ما لي أنازع القرآن) بفتح الزاي بالبناء لما لم يسم فاعله، ونصب القرآن على أنه مفعول ثان بتقدير "في القرآن"، أي أجاذب في قراءته كأني أجذبه إلى من غيري، وغيري يجذبه إليه منى. والظاهر أنه أخبرهم بهذا المعنى نهياً لهم عن ذلك، وإنكاراً لفعلهم. والظاهر أيضاً بل المتعين أن الرجل جهر بالقراءة خلفه، فهو بمعنى التثريب واللوم له على ذلك، فيكون المنع مخصوصاً بالجهر خلفه. قال الخطابي في المعالم (ج١: ص٢٠٦) : معناه أداخل في القراءة، وأغالب عليها. وقال الجزري في النهاية: أي أجاذب في قراءته، كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه فالتبست عليه القراءة. وأصل النزع الجذب، ومنه نزع الميت بروحه. (قال) أي الزهري. (فانتهى الناس عن القراءة) أي تركوها. (فيما جهر) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (فيه بالقراءة من الصلوات) بيان لما

<<  <  ج: ص:  >  >>