للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٧٧- (٣) وعن أنس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام حتى نقول: قد أوهم،

ــ

٨٧٧- قوله: (حتى نقول) بالنصب على أن "حتى" بمعنى "إلى" و"أن" مضمرة، أي إلى أن نقول. و"حتى" إنما ينصب بعدها المضارع إذا كان مستقبلاً، وهذا قد وقع ومضى. والجواب أنه على حكاية الحال. وقيل بالرفع على أن يكون التقدير: قام. (أي أطال القيام) فقلنا، فإطالة القيام سبب القول، وكلا الفعلين ماض، فلم تعمل فيه حتى. وقيل: الرفع على أن الفعل بعدها حال مقارن لما قبلها، والحال لا ينصب بعد حتى ولا غيرها؛ لأن الناصب مخلص للاستقبال فتنافيا. و"حتى" المرفوع بعدها الفعل ابتدائية لا جارة؛ لأنها إنما تدخل على مفرد أو مؤول به. قال التوربشتي: نصب "نقول" بـ"حتى" وهو الأكثر. ومنهم من لا يعمل "حتى" إذا حسن "فعل" موضع "يفعل" كما يحسن في هذا الحديث: حتى قلنا قد أوهم. وأكثر الرواة على ما علمنا على النصب، وكان تركه من حيث المعنى أتم وأبلغ- انتهى. واعلم أن "حتى" إذا وقع بعدها فعل فإما أن يكون حالاً أو مستقبلاً أو ماضياً، فإن وقع حالاً رفع، نحو: مرض زيد حتى لا يرجونه، أي في الحال. وإن كان مستقبلاً نصب نحو: سرت حتى أدخل البلد وأنت لم تدخلها. وإن كان ماضياً فتحكيه، ثم حكايتك له إما أن تكون بحسب كونه حالاً بأن يقدر أنه حال فترفعه على حكاية هذا الحال، وإما أن تكون بحسب كونه مستقبلاً فتنصبه على حكاية الحال المستقبلة، فالرفع والنصب على حكاية الحال بمعنيين مختلفين، قال ابن هشام: لا ينتصب الفعل بعد "حتى" إلا إذا كان مستقبلاً، ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمن التكلم فالنصب واجب نحو: {لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} [٢٠: ٩١] . وإن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالوجهان نحو: {وزلزلوا حتى يقول الرسول} [٢: ٢١٤] الآية. فإن قولهم "إنما هو مستقبل" بالنظر إلى الزلزال، لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. وكذلك لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا إذا كان حالاً، ثم إن كانت حاليته بالنسبة إلى زمن التكلم فالرفع واجب كقولك: سرت حتى أدخلها، إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول. وإن كانت حاليته ليست حقيقية بل كانت محكية رفع، وجاز نصبه إذا لم تقدر الحكاية نحو: {وزلزلوا حتى يقول الرسول} قراءة نافع بالرفع بتقدير: حتى حالتهم حينئذٍ أن الرسول والذين آمنوا معه يقولون كذا وكذا. واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد "حتى" إلا بثلاثة شروط: أحدها أن يكون حالاً أو مؤولاً بالحال كما مثلنا. والثاني أن يكون مسبباً عما قبلها. والثالث أن يكون فضله- انتهى. ومعنى الحديث: يطيل القيام، أو إطالة حتى نظن، إذا القول قد جاء بمعناه. (قد أوهم) بفتح الهمزة والهاء، فعل ماض مبني للفاعل. قال الجزري: "أوهم في صلاته" أي أسقط منها شيئاً. يقال أوهمت الشيء إذا تركته، وأوهمت في الكلام والكتاب، إذا أسقطت منه شيئاً. ووهم ـ يعني بكسر الهاء ـ يوهم وهما ـ بالتحريك ـ إذا غلط. يعني كان يلبث في حال الاستواء من الركوع زمانا نظن أنه أسقط الركعة التي ركعها، وعاد إلى ما كان عليه من القيام. قال ابن الملك: ويقال: أوهمته، إذا أوقعته في الغلط. وعلى هذا يكون أوهم على صيغة المجهول، أي

<<  <  ج: ص:  >  >>