ابن عبد الله بن أبي مريم، وهو ضعيف لاختلاطه. واستدل لأبي حنيفة بما في رواية للشيخين: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة، وأشار بيده على أنفه، فإنه سمى الجبهة وأشارة إلى الأنف، والتسمية إذا تعارضت بالإشارة فالعبرة عند الحنفية بالإشارة، فإنها أبلغ في التعيين، وحينئذٍ لما كانت الإشارة إلى الأنف دلت على أن الاقتصار عليه كافٍ. وتعقب بأن قوله "على الأنف" تعبير من الراوي لا تحاد جهة الأنف والجبهة، فكيف تعين كونها إلى الأنف؟ لم لا يجوز أن يكون أشار إلى الجبهة؟ ولما كانت جهته جهة الأنف عبر عنه الراوي بما ترى. وقال ابن دقيق العيد: الحق أن الإشارة لا تعارض التصريح بالجبهة؛ لأنها قد لا تعين المشار إليه فإنها إنما تتعلق بالجهة، فإذا تقارب ما في الجهة أمكن أن لا يعين المشار إليه يقيناً، وأما اللفظ فإنه معين لما وضع له فتقديمه أولى-انتهى. وقد رأيت أن لفظ الحديث إنما عين الجبهة فلا يجزئ الأنف وحدها، وإلا لزم تقديم الأضعف دلالة وهو الإشارة على الأقوى وهي العبارة. واستدل أيضاً لأبي حنيفة بالرواية التي جمع فيها ذكر الجبهة والأنف معاً، ووجه الاستدلال أنه جعلهما كعضو واحد، فإنه لو كان كل واحد منهما عضواً مستقلاً للزم أن تكون الأعضاء ثمانية، وإذا كان كعضو واحد لزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف وحدها؛ لأن كل واحد منهما بعض العضو، والعضو الواحد يجزيه السجود على بعضه. وأنت خبير بأن المشي على الحقيقة هو المتحتم. والمناقشة بالمجاز بدون موجب للمصير إليه غير ضائرة، ولا شك أن الجبهة والأنف حقيقة في المجموع، ولا خلاف أن السجود على مجموع الجبهة والأنف مستحب. قال في الشرح الكبير (ج١: ص٥٦١) بعد ذكر قول أبي حنيفة: هذا قول يخالف الحديث الصحيح والإجماع الذي قبله. قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً سبق إلى هذا القول-انتهى. وكذا قال ابن قدامة في المغني. واعلم أن ابن الهمام اختار أن وضع السبعة واجب، والمشهور في كتب الحنفية وجوب وضع الجبهة وإحدى الرجلين فقط، لكن ذكر ابن عابدين في وضع القدمين ثلاث روايات: فرضية وضعهما، وفرضية وضع إحدهما، وعدم الفرضية أي سنية الوضع، ثم ذكر بعد بسط الروايات في المذهب: الحاصل أن المشهور في كتب المذهب اعتماد الفرضية، والأرجح من حيث الدليل والقواعد عدم الفرضية. (ولا نكفت) بفتح النون وسكون الكاف وكسر الفاء، آخره مثناة فوقية، روي بالنصب عطفاً على المنصوب السابق وهو "يسجد" أي أمرت أن لا نكفت، ويجوز رفعه على أن الجملة مستأنفة. من كفت الشئ إليه، ضمه وجمعه. ومنه قوله تعالى:{ألم نجعل الأرض كفاتاً}[٧٧: ٢٥] أي كافتة، اسم لم يكفت أي يضم ويجمع. وفي رواية لمسلم: ولا أكف، من الكف بلفظ الواحد، وهو أنسب لقوله: أمرت أن أسجد. (الثياب والشعر) وفي بعض النسخ: ولا الشعر، بزيادة "لا" للتأكيد، والمراد شعر الرأس، والمعنى: أمرت أن نرسل الثياب والشعر، ولا نضمهما إلى أنفسنا وقاية لهما من التراب، بل نتركهما حتى يقعا على الأرض لنسجد بجميع الأعضاء والثياب. وكفتهما: أن يعقص الشعر ويعقده خلف القفا، أو يضمه تحت