للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٨٩٥- (٢) وعن أنس، قال: ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه

انبساط الكلب)

ــ

عمامته، أو يشده بشيء، وأن يشمر ثوبه، أو يشد وسطه، أو يغرز عذبته. قيل: النهي ههنا محمول على التنزيه. والحكمة فيه أن الشعر والثوب يسجدان معه، وفي رفعهما نقص الأجر الذي يترتب على سجود الثياب والشعر. وقيل: إنه إذا رفع شعره أو ثوبه عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين، وجاء في حكمة النهي عن ضم الشعر أن غرزة الشعر يقعد فيها الشيطان حالة الصلاة، كما في سنن أبي داود بإسناد جيد أن أبا رافع رأى الحسن بن علي يصلي قد غرز ضفيرته في قفاه فحلها، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ذلك مقعد الشيطان. وظاهر الحديث يقتضي أن النهي في حال الصلاة، وإليه مال الداوودي، ورده القاضي عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور، فإنهم كرهوا ذلك للمصلي سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها. قال النووي: وهو المختار الصحيح، وهو الظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم-انتهى. قال الحافظ: واتفقوا على أنه لا يفسد الصلاة، لكن حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد، وللحديث ألفاظ عند الشيخين، وأحمد، وأصحاب السنن، وفي الباب عن العباس بن عبد المطلب، وأبي هريرة، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.

٨٩٥-قوله: (اعتدلوا في السجود) يعني توسطوا بين الافتراض والقبض بوضع الكفين على الأرض، ورفع المرفقين عنها وعن الجنبين، والبطن عن الفخذ رفعاً بليغاً بحيث تظهر بواطن آباطكم إذا لم تكن مستورة، إذ هو أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض، وأبعد من الكسالة. قال ابن دقيق العيد: لعل المراد بالاعتدال هنا وضع هيئة السجود على وفق الأمر؛ لأن الاعتدال الحسي المطلوب في الركوع لا يتأتى هنا، فإنه هناك استواء الظهر والعنق، والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي. قال: وقد ذكر الحكم هنا مقروناً بعلته، فإن التشبه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركه في الصلاة-انتهى. والهيئة المنهي عنها أيضاً مشعرة بالتهاون بالصلاة وقلة الاعتناء بها، والإقبال عليها. قيل: وهذا في حق الرجل لا المرأة، فإنها تخالفة في ذلك، لما أخرجه أبوداود في مراسيله عن يزيد بن أبي حبيب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على امرأتين تصليان فقال: إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل. قال البيهقي: وهذا المرسل أحسن من موصولين فيه، يعني من حديثين موصولين ذكرهما البيهقي في سننه، وضعفهما؛ لأن في كل منهما متروكاً. وارجع للتفصيل إلى فتاوى (ص١٤٨) شيخ مشائخنا خاتمة الحفاظ الشيخ حسين بن محسن الأنصاري. (ولا يبسط) بضم السين من نصر، وهي نهي، وقيل نفي. (أحدكم ذراعيه) أي لا يجعل ذراعيه على الأرض كالبساط والفراش. (انبساط الكلب) بالنصب، أي مثل انبساط الكلب، وهو وضع الكفين مع المرفقين على الأرض، والانبساط

<<  <  ج: ص:  >  >>