قلت: هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)) رواه مسلم
٩٠٤- (١١) وعن معدان بن طلحة، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، فسكت، ثم سألته، فسكت،
ــ
والتقدير على الأول: فمسؤولك هذا أو غير ذلك؟ وعلى الثاني: أتسأل هذا وغير ذلك أنسب بحالك. وأما في صورة نصب "غير" فالمعنى على تقدير سكون الواو. تسأل ذلك أو غير ذلك؟ وقيل المعنى: سل غير ذلك. وعلى تقدير فتحها: أتسأل هذا وهو شاق وتترك ما هو أهون منه؟ (هو ذاك) أي مسئولي ذلك لا غير. (فأعني على نفسك) أي على تحصيل حاجة نفسك التي هي المرافقة. (بكثرة السجود) في الدنيا حتى ترافقني في العقبى، والمراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك، ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها، أو المعنى: فوافقني بكثرة السجود قاهراً بها على نفسك. وقيل: أعني على قهر نفسك بكثرة السجود، كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل إلا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك، فلا بد لي من قهر نفسك بصرفها عن الشهوات، ولابد لك أن تعاونني فيه، ففيه تلويح إلى أن نفسه بمثابة العدو المناوئ، فاستعان بالسائل إلى قهر النفس، وكسر شهواتها بالمجاهدة والمواظبة على الصلاة، والاستعانة بكثرة السجود حسماً للطمع الفارغ عن العمل، والاتكال على مجرد التمني. وقيل المعنى: كن لي عوناً في أصلاًح نفسك، وجعلها طاهرة مستحقة لما تطلب، فإني أطلب إصلاح نفسك من الله تعالى، وأطلب منك أيضاً إصلاحها بكثرة السجود لله، فإن السجود كاسر للنفس ومذل لها، وأي نفس انكسرت وذلت استحقت الرحمة، وهذا كقول الطبيب للمريض: أعالجك بما يشفيك، ولكن أعني بالاحتماء وامتثال أمري. وفي الحديث دليل على أن السجود من أعظم القرب التي تكون بسببها ارتفاع الدرجات عند الله تعالى إلى حد لا يناله إلا المقربون، وأن مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة لا تحصل إلا بقرب من الله تعالى بكثرة السجود، والمراد به السجود في الصلاة. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد، وأبوداود، والنسائي. قال المنذري: وأخرج الترمذي وابن ماجه طرفاً منه.
٩٠٤- قوله:(معدان) بفتح الميم وسكون العين المهملة. (بن طلحة) ويقال: ابن أبي طلحة اليعمري- بفتح الياء التحتية، وسكون العين المهملة، وفتح الميم- شامي ثقة من كبار التابعين. رجح الترمذي أن اسمه معدان بن أبي طلحة، وكذلك سماه ابن سعد في الطبقات (ج٧: ص١٥٤) ورجح يحيى بن معين "معدان بن طلحة" فقد قال: أهل الشام يقولون: ابن طلحة، وقتادة وهؤلاء يقولون: ابن أبي طلحة، وأهل الشام أثبت فيه. (أعمله) بالرفع على صفة العمل وكذلك. (يدخلني الله به الجنة) قال الطيبي: ويجوز أن يكون "أعمله" جوابا للأمر، و"يدخلني" بدلا منه، وذلك لأن معدان لما كان معتقدا لكون الإخبار سبباً لعمله صح ذلك. (فسكت) أي ثوبان، ولعل سكوته لامتحان حال القائل في