للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلتي! أمر ابن آدم بالسجود، فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت، فلي النار)) رواه مسلم.

٩٠٣- (١٠) وعن ربيعة بن كعب، قال: ((كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: أو غير ذلك؟

ــ

أي آيتها. (فسجد) أي سجود التلاوة. (اعتزل) أي تباعد عنه. (الشيطان) قيل: المراد به إبليس فقط. (يبكي، يقول) قال الطيبي: هما حالان من فاعل "اعتزل" مترادفتان، أي باكياً وقائلاً، أو متداخلتان، أي باكياً قائلاً. (يا ويلتى) قال ابن الملك: أصله "يا ويلي" فقلبت ياء المتكلم تاء، وزيدت بعدها ألف للندبة. والويل الحزن والهلاك، كأنه يقول: يا حزني! ويا هلاكي! احضر، فهذا وقتك وأوانك. قال الطيبي: نداء الويل للتحسر على ما فاته من الكرامة، وحصول اللعن والخيبة للحسد على ما حصل لابن آدم بيانه. (أمر ابن آدم بالسجود فسجد) امتثالاً لأمر ربه. (فله الجنة) أي على الطاعة. (فأبيت) أي امتنعت تكبراً. (فلي النار) قال المناوي: نار جهنم خالداً فيها لعصيانه واستكباره. والحديث دليل على فضل السجود. واستدل به من قال بوجوب سجدة التلاوة. وأجيب عنه: بأن الذم والوعد متعلق بترك السجود إباء وإنكاراً واستكباراً كما يدل عليه لفظ "أبيت" صراحة فلا يخالف الحديث من يقول بسنتيه. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد، وابن ماجه.

٩٠٣- قوله: (وعن ربيعة بن كعب) بن مالك الأسلمي، يكنى أبا فراس المدني، صحابي من أهل الصفة، ويقال: كان خادماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صحبه قديماً، وكان يلزمه سفراً وحضراً، ومنهم من فرق بين ربيعة وأبي فراس الأسلمي، وصوب الحاكم أي وأحمد وابن عبد البر تبعاً للبخاري التفريق بينهما. مات ربيعة سنة. (٦٣) بعد الحرة، وليس له في الأدب المفرد للبخاري، وصحيح مسلم، وسنن الأربعة غير هذا الحديث. (كنت أبيت) من البيتوتة أي أكون في الليل. (مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولعل هذا وقع له في سفر. وقال ابن حجر: أي إما في السفر أو الحضر، والمراد بالمعية القرب منه بحيث يسمع نداءه إذا ناداه لقضاء حاجته. (فأتيته) وفي بعض النسخ "فآتيه" موافقاً لما في صحيح مسلم. (بوضوئه) بفتح الواو أي ماء وضوءه وطهارته. (وحاجته) أي سائر ما يحتاج إليه من نحو سواك وغيره. (فقال لي: سل) أي اطلب مني حاجة. قال ابن حجر: أتحفك به في مقابلة خدمتك لي؛ لأن هذا هو شأن الكرام، ولا أكرم منه - صلى الله عليه وسلم -. وفيه جواز قول الرجل لأتباعه ومن يتولى خدمته: سلوني حوائجكم. (أسألك مرافقتك) أي كوني رفيقاً لك. (في الجنة) بأن أكون قريباً منك متمتعاً بنظرك. (أو غير ذلك) يحتمل فتح الواو، أي أتسأل ذلك وغيره أم تسأله وحده؟ وسكونها، أي تسأل ذلك أم غيره؟ وقال بعضهم: يروى بسكون الواو وبفتحها، وعلى التقدير فغير إما مرفوع أو منصوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>