وثالثها: ما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين. أجيب بأن هذه الأحاديث كلها ضعيفة جداً، لا تصلح أن تكون شاهدة لحديث وائل. أما حديث أبي هريرة فلأن مداره على عبد الله بن سعيد المقبري وهو متروك، قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الفلاس: منكر الحديث، متروك. وقال يحيى بن سعيد: استبان كذبه في مجلس. وقال الدارقطني: متروك ذاهب. وقال أحمد مرة: ليس بذلك، ومرة قال: متروك. وقال فيه البخاري: تركوه، كذا في الميزان. وأما حديث أنس فلأن في سنده العلاء بن إسماعيل، وقد تفرد به، وهو مجهول، قاله البيهقي. وقد أخطأ الحاكم في تصحيحه، ونقل الحافظ في لسان الميزان عن أبي حاتم أنه أنكر هذا الحديث. وحكي عن الدارقطني أنه أخرجه، وقال: إن العلاء تفرد به وهو مجهول، ثم قال الحافظ: وخالفه عمر بن حفص بن غياث وهو من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه، عن أعمش، عن إبراهيم، عن علقمة وغيره، عن عمر موقوفاً عليه، وهذا هو المحفوظ. وأما حديث سعد بن أبي وقاص فلأن في سنده إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو يرويه عن أبيه وقد تفرد به، وهما ضعيفان، إبراهيم بن إسماعيل اتهمه أبوزرعة، وأبوه إسماعيل متروك. وقال الحازمي: في سنده مقال، وأن المحفوظ عن مصعب، عن أبيه حديث نسخ التطبيق-انتهى. وقد ظهر بهذا التفصيل أن هذه الأحاديث ضعيفة جداً، فلا تصلح أن تكون شاهدة لحديث وائل فإنها لضعفها وسقوطها صارت كأن لم تكن. (وقيل: هذا) وفي معالم السنن: وزعم بعض العلماء أن هذا أي حديث أبي هريرة. (منسوخ) أي بما رواه ابن خزيمة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه. وقد ذكرنا لفظه. وفيه: أن دعوى النسخ بحديث سعد بن أبي وقاص باطلة، فإن هذا الحديث ضعيف كما عرفت، وقد عكس ابن حزم في المحلي (ج٤: ص١٣٠) فجعل حديث أبي هريرة ناسخاً لما خالفه. وقيل: إن حديث أبي هريرة ضعيف معلول أعله البخاري بأن محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، وأنه لا يدري أسمع محمد من أبي الزناد أم لا. وفيه: أن قوله "لا يتابع عليه" ليس مضر؛ لأن محمد بن عبد الله ثقة، ولحديثه هذا شاهد من حديث ابن عمر، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، ووافقه الذهبي، قال ابن التركماني في الجوهر النقي: محمد بن عبد الله وثقه النسائي، وقول البخاري "لا يتابع على حديثه" ليس بصريح في الجرح، فلا يعارض توثيق النسائي-انتهى. وأما قوله "لا يدري أسمع" الخ. ففيه أنها أيضاً ليست بعلة، وشرط البخاري معروف، خالفه فيه جمهور المحدثين، ومحمد بن عبد الله ليس بمدلس، وسماعه من أبي الزناد ممكن، فإن أبا الزناد مات سنة ثلاثين ومائة بالمدينة، ومحمد مدني أيضاً غلب على المدينة، ثم قتل في سنة خمس وأربعين ومائة وعمره ثلاث وخمسون سنة. قاله الزبير بن بكار. وقال ابن سعد وغير واحد: قتل وهو ابن خمس وأربعين، وقد أدرك أبا الزناد طويلاً، فيحمل عنعنته على السماع عند جمهور المحدثين. وقيل: إن حديث أبي هريرة مضطرب، فإنه قال بعضهم: إذا سجد أحدكم