للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٠٧- (١٤) وعن ابن عباس، قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين السجدتين: اللهم اغفرلي، وارحمني،

واهدني، وعافني، وارزقني)) .

ــ

فليبدأ بركبتيه قبل يديه. أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة والطحاوي كما تقدم، وهذه الرواية تخالف الرواية التي رواها أبوداود، والنسائي وغيرهما بحيث لا يمكن الجمع بينهما، والاضطراب مورث للضعف. وفيه: أن رواية ابن أبي شيبة، والطحاوي هذه ضعيفة جداً كما عرفت، فلا اضطراب في حديث أبي هريرة، فإن من شرط الاضطراب استواء وجوه الاختلاف، ولا تعل الرواية الصحيحة بالرواية الضعيفة الواهية كما تقرر في موضعه. وقيل: إن في حديث أبي هريرة قلباً من الراوي حيث قال: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، وكان أصله وليضع ركبتيه قبل يديه، ويدل عليه أول الحديث، وهو قوله: "فلا يبرك كما يبرك البعير"، فإن المعروف من البروك البعير هو تقديم اليدين على الرجلين، ذكره ابن القيم في زاد المعاد، وقال: ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبتا البعير في يديه لا في رجليه، فهو إذا برك وضع ركبتيه أولاً، فهذا هو المنهى عنه. قال: وهو فاسد من وجوه: حاصلها أن البعير إذا برك يضع يديه، ورجلاه قائمتان، وهذا هو المنهي عنه، وأن القول بأن ركبتي البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة. وأنه لو كان الأمر كما قالوا لقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فليبرك كما يبرك البعير؛ لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه. وفيه: أن في قوله: "في حديث أبي هريرة قلب من الراوي" نظراً، إذ لو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية راو مع كونها صحيحة، قاله القاري، وأما قوله: "كون ركبتي البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة" ففيه: أنه مبني على عدم اطلاعه؛ لأنه منصوص عليه في لسان العرب (ج١: ص٤١٧) وقال صاحب القاموس: "الركبة ـ بالضم ـ موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق، أو مرفق الذراع من كل شيء، ووقع في حديث هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - قول سراقة: ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين. رواه البخاري في صحيحه، فهذا نص صريح وبرهان قاطع على أن ركبتي البعير في يديه، وأما قوله: إنه لو كان كما قالوا لقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فليبرك كما يبرك البعير" الخ. ففيه: أنه لما ثبت أن ركبتي البعير تكونان في يديه ومعلوم أن ركبتي الإنسان تكونان في رجليه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في آخر هذا الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، فكيف يقول في أوله: فليبرك كما يبرك البعير؟ أي فليضع ركبتيه قبل يديه، ذكره شيخنا في شرح الترمذي (ج١: ص٢٣٠) وفي أبكار المنن (ص٢٢٣) .

٩٠٧- قوله: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين السجدتين) أي في الفريضة والنافلة. (اللهم اغفرلي) أي ذنوبي، أو تقصيري في طاعتي. (وارحمني) أي من عندك لا بعملي، أو ارحمني بقبول عبادتي. (واهدني) لصالح الأعمال، أو ثبتني على دين الحق. (وعافني) من البلاء في الدارين، أو من الأمراض الظاهرة والباطنة. (وارزقني) رزقا حسناً أو توفيقاً في

<<  <  ج: ص:  >  >>