للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي

ــ

أخرجه سعيد بن منصور في سننه، والبخاري في تاريخه. (التحيات) جميع تحية، ومعناها: السلام، وقيل: البقاء. وقيل: العظمة. وقيل: السلامة من الآفات والنقص. وقيل: الملك. وقال المحب الطبري: يحتمل أن يكون لفظ التحية مشتركاً بين هذه المعاني وكونها بمعنى السلام أنسب هنا. وقال الخطابي والبغوي: لم يكن في تحياتهم شيء يصلح للثناء على الله، فلهذا أبهمت ألفاظها، واستعمل منها معنى التعظيم، فقال، قولوا: التحيات لله، أي أنواع التعظيم له. وقال ابن قتيبة: لم يكن يحيى إلا الملك خاصة، وكان لكل ملك تحية تخصه، فلهذا جمعت، فكأن المعنى: التحيات التي كانوا يسلمون بها على الملوك كلها مستحقة لله. (والصلوات) قيل: الخمس، أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل في كل شريعة. وقيل: المراد العبادات كلها. وقيل: الدعوات. وقيل: المراد الرحمة. وقيل، التحيات: العبادات القولية، والصلوات: العبادات الفعلية، والطيبات: الصدقات المالية. (والطيبات) أي ما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله دون ما لا يليق بصفاته مما كان الملوك يحيون به. وقيل الطيبات ذكر الله. وقيل: الأقوال الصالحة كالدعاء والثناء. وقيل: الأعمال الصالحة، وهو أعم من القول والفعل. قال ابن دقيق العيد: إذا حمل التحية على السلام فيكون التقدير: التحيات التي تعظم بها الملوك مثلاً مستحقة لله. وإذا حمل على البقاء فلا شك في اختصاص الله به. وكذلك الملك الحقيقي والعظمة التامة، وإذا حملت الصلاة على العهد أو الجنس كان التقدير: إنها لله واجبة لا يقصد بها غيره. وإذا حملت على الرحمة فيكون معنى قوله "لله" أنه المتفضل بها؛ لأن الرحمة التامة لله يؤتيها من يشاء، وإذا حملت على الدعاء فظاهر. وأما الطيبات فقد فسرت بالأقوال، ولعل تفسيرها بما هو أعم أولى فتشمل الأقوال، والأفعال، والأوصاف، وطيب الأوصاف كونها بصيغة الكمال، وخلوصها عن شوائب النقص-انتهى. قال البيضاوي: يحتمل أن يكون الصلوات، والطيبات معطوفتين على "التحيات"، ويحتمل أن يكون "الصلوات" مبتدأ وخبرها محذوف، و"الطيبات" معطوفة عليها. والواو الأولى لعطف الجملة على الجملة التي قبلها، والثانية لعطف المفرد على الجملة. وقال العيني: كل واحد من "الصلوات والطيبات" مبتدأ حذف خبره، أي الصلوات لله، والطيبات لله، فالجملتان معطوفتان على الأولى وهي "التحيات لله". (السلام) التعريف إما للعهد التقديري، أي ذاك السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء عليك، أو للجنس، والمعنى أن حقيقة السلام الذي يعرفه كل واحد، ويجوز أن يكون للعهد الخارجي إشارة إلى قوله: {وسلام على عباده الذين اصطفى} وقيل: معنى "السلام عليك" الدعاء، أي سلمت من المكارة، وقيل معناه اسم السلام عليك، كأنه برك عليه باسم الله عزوجل. (عليك) أمرهم أن يفردوه بالسلام عليه لشرفه، ومزيد حقه عليهم، ثم أمرهم أن يخصصوا أنفسهم أولاً؛ لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين، إعلاماً منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملاً لهم. (أيها النبي) قيل: الحكمة في العدول عن الوصف بالرسالة مع أن الوصف بها أعم في حق البشر وأشرف أن يجمع له الوصفين،

<<  <  ج: ص:  >  >>