للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩١٦- (٤) وعن عبد الله بن عباس، قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن،

ــ

الناس على تشهد ابن مسعود؛ لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً، وغيره قد اختلف أصحابه، ذكره الحافظ في الفتح. ومنها: أنه تلقاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقيناً؛ فروى الطحاوي من طريق الأسود بن يزيد عنه، قال: أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقننيه كلمة كلمة. ومنها: أن فيه تأكيد التعليم ما ليس في غيره؛ ففي البخاري في الاستئذان: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد وكفى بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن. وفي أبي داود بسنده إلى القاسم قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده، فعلمه التشهد في الصلاة. ومثل هذا لا يوجد في غيره. ومنها: أن أبا بكر علمه الناس على المنبر كما تقدم. ومنها: أن رواته لم يختلفوا في حرف منه بل نقلوه مرفوعاً على صفة واحدة بخلاف غيره. ومنها: أنه ورد بصيغة الأمر مثل قوله "فليقل" وقوله "قولوا" ونحو ذلك، وأقله الندب والاستحباب بخلاف غيره، فإنه مجرد حكاية. ومنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ابن مسعود التشهد وأمره أن يعلمه الناس، أخرجه أحمد. قال الحافظ بعد ذكره: ولم ينقل ذلك لغيره، ففيه دليل على مزيته. ومنها: أنه اتفق على روايته جماعة من الصحابة مثل أبي بكر، ومعاوية، وسلمان، وغيرهم. قال ابن قدامة في المغني (ج١: ص٥٧٨) : وقد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معه ابن عمر، وجابر، وأبو موسى، وعائشة. وقال أيضاً (ج١: ص٥٧٩) : وقد اتفق على روايته جماعة من الصحابة فيكون أولى. ومنها: أنه أخذ به جمهور الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من الفقهاء، وأهل الحديث بخلاف تشهد غيره. ومنها: ما ذكره في المغني: قال عبد الرحمن بن الأسود: عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه التشهد في الصلاة، قال: وكنا نتحفظه عن عبد الله كما نتحفظ حروف القرآن: الواو، والألف. (أخرجه البزار، ورجاله رجال الصحيح) قال ابن قدامة: وهذا يدل على ضبطه، فكان أولى. ومنها: ما قال الحافظ في الفتح: ورجح أيضاً بثبوت الواو في الصلوات والطيبات، وهي تقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيكون كل جملة ثناء مستقلاً، بخلاف ما إذا حذفت، فإنها تكون صفة لما قبلها، وتعدد الثناء في الأول صريح فيكون أولى، ولو قيل: إن الواو مقدرة في الثاني- انتهى. وقد ذكروا لترجيح تشهد ابن مسعود وجوهاً أخرى وفيما ذكرناه كفاية لمن له بصيرة، فلا يشك في أن حديث ابن مسعود أرجح من جميع الأحاديث المروية في التشهد فالأخذ به أولى وأحسن، والله اعلم.

٩١٦- قوله: (يعلمنا التشهد) سمى باسم جزءه الأشرف كما هو القاعدة عند البلغاء في تسمية الكل باسم البعض. (كما يعلمنا السورة من القرآن) أي بكمال الاهتمام لتوقف الصلاة عليه إجزاء، ففيه دلالة ظاهرة على اهتمامه

<<  <  ج: ص:  >  >>