كيفية الصلاة على آله- انتهى. وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: المقصود السؤال عن كيفية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أهل البيت تبعاً واستطراداً. وقيل: أهل البيت كناية عن ذاته - صلى الله عليه وسلم -، والأهل بمعنى الآل، وقد يقال: آل فلان، ويراد به نفسه وذاته فقط. كما قيل في آل داود ونحوه. وفي قوله "أهل البيت" تلميح إلى قوله تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}[١١: ٧٣] والقرينة على إرادة هذا المعنى قوله الآتي: فإن الله قد علمنا، الخ. (أهل البيت) بالنصب على المدح والاختصاص، أو على أنه منادى مضاف، ويجوز جره لكونه عطف بيان لضمير المخاطب. (فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليك) يعني في التشهد، وهو قول المصلي "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته". والمعنى: علمنا الله كيفية السلام عليك على لسانك، وبواسطة بيانك، وفي رواية للبخاري: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ وفي أخرى: أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ أي إن الله تعالى أمرنا بالصلاة والسلام عليك بقوله:{صلوا عليه وسلموا تسليما}[٣٣: ٥٦] ، وقد عرفنا كيفية السلام عليك بما علمتنا في التحيات من أن نقول: السلام عليك أيها النبي، الخ. فعلمنا كيف اللفظ الذي به نصلي عليك كما علمتنا السلام؟ فالمراد بعدم علمهم الصلاة عدم معرفة تأديتها بلفظ لائق به - عليه الصلاة والسلام -، ولذا وقع بلفظ "كيف" التي يسأل بها عن الصفة. قال القرطبي: هذا سؤال من أشكلت عليه كيفية ما فهم أصله، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة فسألوا عن الصفة التي تليق بها ليستعملوها-انتهى. والحامل لهم على ذلك أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص وهو "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" فهموا منه أن الصلاة أيضاً تقع بلفظ مخصوص، وعدلوا عن القياس لإمكان الوقوف على النص، ولاسيما في ألفاظ الأذكار، فإنها تجيء خارجة عن القياس غالبا، فوقع الأمر كما فهموا، فإنه لم يقل لهم: قولوا الصلاة عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ولا قولوا: الصلاة والسلام عليك، الخ. بل علمهم صيغة أخرى. وفي حديث أبي مسعود البدري عند أحمد في مسنده، وابن خزيمة في صحيحه، والدارقطني في سننه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في سننه: أنهم قالوا، يارسول الله! أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ وفي رواية: كيف نصلي في صلاتنا؟ قال الدارقطني: إسناده حسن متصل- وقال البيهقي: إسناده حسن، صحيح، وصححه الحاكم أيضاً. واستدل به جماعة من الشافعية كابن خزيمة، والبيهقي على إيجاب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل صلاة في القعود آخر الصلاة بين التشهد والسلام. وتعقب بأنه لا دلالة فيه على ذلك، بل إنما يفيد إيجاب الإتيان بهذه الألفاظ على من صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد. وعلى تقدير أن يدل على إيجاب أصل الصلاة فلا يدل على هذا المحل المخصوص، ولكن قرب البيهقي ذلك بأن الآية لما نزلت وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علمهم كيفية السلام عليه في التشهد، والتشهد داخل الصلاة، فسألوا عن كيفية الصلاة، فعلمهم، فدل على أن المراد بذلك