إيقاع الصلاة عليه في التشهد بعد الفراغ من التشهد الذي تقدم تعليمه لهم، وأما احتمال أن يكون ذلك خارج الصلاة فهو بعيد كما قال عياض وغيره. (قولوا) قال القسطلاني: الأمر ههنا للوجوب اتفاقاً، نعم اختلف هل يتعدد أم لا؟ فقيل: في العمر مرة واحدة، وقيل: في كل تشهد يعقبه سلام، قاله الشافعي. وقال الشوكاني في النيل: قوله في الحديث "قولوا" استدل بذلك على وجوب الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد، وإلى ذلك ذهب عمر، وابنه، وابن مسعود، وجابر بن زيد، والشعبي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبوجعفر الباقر، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وابن المواز. واختار القاضي أبوبكر ابن العربي، وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب، منهم مالك، وأبوحنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، وآخرون. قال: ويمكن الاعتذار عنه بأن الأمر المذكور تعليم كيفية، وهو لا يفيد الوجوب، فإنه لا يشك من له ذوق أن من قال لغيره: إذا أعطيتك درهماً فكيف أعطيك أياه أسراً أم جهراً؟ فقال له: أعطيته سراً، كان ذلك أمرا بالكيفية التي هي السرية، لا أمرا بالإعطاء. وتبادر هذا المعنى لغة وشرعاً وعرفاً لا يدفع، وقد تكرر في السنة وكثر، فمنه: إذا قام أحدكم الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين-الحديث. وقد أطال الكلام على دلائل القائلين بوجوب الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في القعود آخر الصلاة، والاعتذار عنها. ومال إلى عدم وجوبها في الصلاة. والأحوط عندي هو وجوبها لما تقدم من تقرير البيهقي في الاحتجاج لذلك، ولما سيأتي. وقد ألزم العراقي من قال من الحنفية بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر، كالطحاوي، ونقله السروجي في شرح الهداية عن أصحاب المحيط، والعقد، والتحفة، والمغيث، من كتبهم أن يقولوا بوجوبها في التشهد، لتقدم ذكره في آخر التشهد، لكن لهم أن يلتزموا ذلك، لكن لا يجعلونه شرطاً في صحة الصلاة. (اللهم) هذه كلمة كثر إستعمالها في الدعاء، وهو بمعنى ياالله، والميم عوض عن حرف النداء، ولا يدخلها حرف النداء إلا في نادر، كقول الراجز:
إني إذا مات حادث ألما ... ... أقول: يا اللهم يا اللهما
واختص هذا الاسم بقطع الهمزة عند النداء ووجوب تفخيم لامه، وبدخول حرف النداء عليه مع التعريف، وبالباء في القسم، وذهب الفراء من تبعه من الكوفيين إلى أن أصله ياالله! وحذف حرف النداء تخفيفاً، والميم مأخوذة من جملة محذوفة مثل أمنا بخير، وقيل: بل زائدة كما "زرقم" للشديد الزرقة، وزيدت في الاسم العظيم تفخيماً، وقيل: غير ذلك (صلى على محمد) قال الجزري في النهاية معناه: عظمه في الدنيا بإلا ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته. وقيل، المعنى: لما أمر الله سبحانه بالصلاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله، وقلنا: اللهم صل أنت على محمد؛ لأنك أعلم بما يليق به. وهذا الدعاء قد اختلف هل يجوز إطلاقه على غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ والصحيح أنه خاص به فلا يقال لغيره. وقال الخطابي: الصلاة التي بمعنى التكريم