للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى آل محمد،

ــ

والتعظيم لا تقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء والتبرك تقال لغيره، ومنه الحديث: اللهم صلى على آل أبي أوفى، أي ترحم وبرك. وقيل فيه: إن هذا خاص له لكنه هو آثر به غيره، وأما سواه فلا يجوز له أن يخص به أحداً-انتهى كلام الجزري. وأرجح للتفصيل إلى الفتح، والعمدة، وزاد المعاد، والقول البديع، قال الحليمي: المقصود بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - التقرب إلى الله بامتثال أمره، وكذا حق النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، وتبعه ابن عبد السلام فقال: ليست صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعته له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله لما أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه. وقال ابن العربي: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوع العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة، والاحترام للواسطة الكريمة - صلى الله عليه وسلم -. واختلف في زيادة لفظ السيادة قبل محمد فجعله ابن عبد السلام من باب سلوك الأدب، ومال الشوكاني في النيل إلى أوليته. وقال الأسنوي: قد اشتهر زيادة "سيدنا" قبل "محمد" عند أكثر المصلين وفي كون ذلك أفضل نظر-انتهى. قلت: أما في الصلاة فالظاهر هو تركه وعدم زيادته امتثالاً للأمر، واتباعاً لللفظ المأثور، وأما في غير الصلاة فلا بأس بزيادته. قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وابن ماجه وابن مردوية عن ابن مسعود، قال: إذا صليتم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأحسنوا الصلاة، قالوا: فعلمنا. قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين-الحديث. قال السخاوي: إن كثيراً من الناس يقولون: اللهم صل على سيدنا محمد، وأتى في ذلك بحثاً: أما في الصلاة فالظاهر أنه لا يقال اتباعاً لللفظ المأثور، وأما في غير الصلاة فقد أنكر - صلى الله عليه وسلم - على مخاطبة بذلك كما في الحديث المشهور، وإنكاره يحتمل تواضعا، أو كراهة منه أن يحمد مشافهة، أو لأن ذلك كان في تحية الجاهلية، أو لمبالغتهم في المدح، وقد صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: أنا سيد ولد آدم، وقوله للحسن: إن ابني هذا سيد، وقوله لسعد: قوموا إلى سيدكم. وورد قول سهل بن حنيف للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا سيدي، في حديث عند النسائي، وقول ابن مسعود: اللهم صل على سيد المرسلين. وفي كل هذا دلالة واضحة على جواز ذلك، والمانع يحتاج إلى دليل سوى ما تقدم؛ لأنه لا ينهض دليلاً مع الاحتمالات المتقدمة-انتهى. (وعلى آل محمد) قد اختلف في المراد بالآل في هذا الحديث، فقيل: الراجح أنهم من حرمت عليهم الزكاة، فإنه بذلك فسرهم زيد بن أرقم، والصحابي أعرف بمراده - صلى الله عليه وسلم -، فتفسيره قرينة على تعين المراد من اللفظ المشترك، وقد فسرهم بآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس. وقيل: المراد بآل محمد، أزواجه وذريته؛ لأن أكثر طرق هذا الحديث جاء بلفظ "وآل محمد"، وجاء في حديث أبي حميد التالي موضعه "وأزواجه وذريته" فدل على أن المراد بالآل الأزواج والذرية. وتعقب بأنه ثبت الجمع بين الثلاثة كما في حديث أبي هريرة الآتي في الفصل الثالث، فيحمل على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ غيره، فالمراد بالآل في التشهد

<<  <  ج: ص:  >  >>