للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،

ــ

الأزواج، ومن حرمت عليهم الصدقة. وتدخل فيهم الذرية، فبذلك يجمع بين الأحاديث. وقد أطلق على أزواجه - صلى الله عليه وسلم - آل محمد كما في حديث عائشة: ماشبع آل محمد من خبز مأدوم ثلاثاً، وفي حديث أبي هريرة: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً، وكأن الأزواج أفردوا بالذكر تنويهاً بهم وكذا الذرية. وقيل: المراد بالآل جميع أمة الإجابة. قال ابن العربي: مال إلى ذلك مالك. وقال النووي في شرح مسلم: هو أظهر الأقوال، قال: وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين-انتهى. وقيده القاضي حسين، والراغب، بالأتقياء منهم. وعليه يحمل كلام من أطلق، ويؤيده قوله تعالى: {إن أولياءه إلا المتقون} [٨: ٣٤] . وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أوليائي منكم المتقون"، وإلى حمله على أمة الإجابة ذهب نشوان الحميري إمام اللغة، ومن شعره في ذلك:

... آل النبي هم أتباع ملته من الأعاجم والسودان والعرب

... لو لم يكن آله إلا قرابته صلى المصلي على الطاغي أبي لهب

ويدل على ذلك أيضاً قول عبد المطلب من أبيات:

... وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك

والمراد بآل الصليب أتباعه. ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [٤٠: ٤٦] ؛ لأن المراد بآله أتباعه، وقد احتج لهذا القول بحديث أنس رفعه: آل محمد كل تقي. أخرجه الطبراني، ولكن سنده واه جداً. وأخرج البيهقي عن جابر نحوه من قوله بسند ضعيف، ويؤيد ذلك معنى الآل لغة. قال في القاموس: الآل أهل الرجل وأتباعه، وأولياؤه، ولا يستعمل إلا فيما فيه شرف غالباً، فلا يقال آل الإسكاف، كما يقال أهله- انتهى. وفي تفسيره أقوال أخرى كلها مرجوحة ضعيفة، فلا حاجة إلى ذكرها، ولولا ضعف حديث أنس وكون سنده واهياً جداً لتعين تفسير آل محمد في التشهد بأتقياء أمته، ثم لعل وجه إظهار محمد في قوله "وآل محمد" مع تقدم ذكره هو أن استحقاق الآل بالإتباع لمحمد، فالتنصيص على اسمه آكد في الدلالة على استحقاقهم، والله تعالى أعلم. (كما صليت على إبراهيم) ذكر في وجه تخصيصه من بين الأنبياء وجوه، أظهرها كونه جد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أمرنا بمتابعته في أصول الدين أو في التوحيد المطلق والانقياد المحقق، قاله القاري. (وعلى آل إبراهيم) هم ذريته من إسماعيل وإسحاق كما جزم به جماعة من الشراح، وإن ثبت أن إبراهيم كان له أولاد من غير سارة وهاجرة، فهم داخلون لا محالة. ثم إن المراد المسلمون منهم بل المتقون فيدخل فيهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون دون من عداهم. وفيه ما تقدم في آل محمد، قاله الحافظ. وقال الباجي: "وآل إبراهيم" أتباعه، وهذا يحتمل أن يريد به أتباعه من ذريته، ويحتمل أن يريد أتباعه من كل اتبعه، أي من غير تخصيص بذريته، قال: والأظهر عندي أن الآل الأتباع والعشيرة. واستشكل هذا التشبيه؛ لأن المقرر كون

<<  <  ج: ص:  >  >>