المشبه دون المشبه به، والواقع ههنا عكسه؛ لأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - وحده أفضل من إبراهيم وآله. وأجيب عن لك بأجوبة، منها: أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر بالقدر، فهو كقوله تعالى:{إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح}[٤: ١٦٣] وقوله: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم}[٢: ١٨٣] وهو كقول القائل: "أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان"، ويريد بذلك أصل الإحسان لا قدره. ومنه قوله تعالى:{وأحسن كما أحسن الله إليك}[٢٨: ٧٧] ورجح هذا الجواب القرطبي في المفهم. ومنها: أن الكاف للتعليل كما في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم}[٢: ١٥١] وفي قوله: {واذكروه كما هداكم}[٢: ١٩٨] . ومنها: أن قوله: اللهم صل على محمد، مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقاً بقوله:"وعلى آل محمد". يعني أنه تم الكلام بقوله" اللهم صل على محمد" ثم استأنف"وعلى آل محمد" أي وصل على آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، والمسؤل له مثل إبراهيم وآله، هم آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا لنفسه. وفيه أن هذا الجواب وإن نقله أبوحامد عن نص الشافعي، لكنه خلاف الظامر. وتعقب أيضاً بأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووا الأنبياء، فكيف تطلب لهم صلاة مثل صلاة التي وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله؟ ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات التي كانت سبباً للثواب. ومنها: أن المسؤول مقابلة الجملة بالجملة، ويدخل في "آل إبراهيم" خلائق لا يحصون من الأنبياء، ولا يدخل في "آل محمد" نبي، وطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء. ومنها: أن التشبيه لمحمد وآل محمد من صلاة كل فرد فرد فيحصل من مجموع صلاة المصلين من أول التعليم إلى آخر الزمان أضعاف ما كان لآل إبراهيم. وعبر ابن العربي عن هذا بقوله: المراد دوام ذلك واستمراره. ومنها: دفع المقدمة المذكورة أولاً وهي أن المشبه به يكون أرفع من المشبه، وأن ذلك ليس بمطرد، بل قد يكون التشبيه بالمثل بل وبالدون كما في قوله تعالى:{مثل نوره كمشكاة}[٢٤: ٣٥] . وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى؟ ولكن لما كان المراد من المشبه به أن يكون شيئاً ظاهراً واضحاً للسامع حسن تشبيه النور بالمشكاة، وكذا ههنا لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهوراً واضحاً عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد وآل محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآل إبراهيم، ويؤيد ذلك ختم الطلب المذكور بقوله "في العالمين"، أي كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، ولذا لم يقع قوله "في العالمين" إلا في ذكر آل إبراهيم، دون ذكر آل محمد على ما وقع في الحديث الذي ورد فيه، وهو حديث أبي مسعود عند مالك ومسلم وغيرهما. وعبر الطيبي عن ذلك بقوله: ليس التشبيه المذكور من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر. ومنها: ما قال السندي: أما تشبيه صلاته - صلى الله عليه وسلم - بصلاة إبراهيم فلعله بالنظر إلى ما يفيده واو العطف من الجمع والمشاركة، وعموم الصلاة المطلوبة له ولأهل بيته - صلى الله عليه وسلم -، أي شارك أهل بيته معه في الصلاة، واجعل الصلاة عليه عامة له ولأهل بيته كما صليت على إبراهيم كذلك، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى أن