للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى لقي الله)) متفق عليه.

٤٥- (٤٤) وعن أبي أمامة أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما الإيمان؟ قال: ((إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن.

ــ

التناول أهي حقيقة عرفية أو شرعية أو مجاز. (فكل حسنة يعملها) مبتدأ خبره (تكتب له بعشر أمثالها) فضلاً من الله ورحمة، حال كونها منتهية (إلى سبع مائة ضعف) بكسر الضاد أي مثل، قال الأزهري: والضعف في كلام العرب المثل إلى ما زاد، وليس بمقصور على المثلين بل جائز في كلام العرب أن تقول: هذا ضعفه، أي مثلاًه وثلاثة أمثاله؛ لأن الضعف في الأصل زيادة غير محصورة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فأولئك لهم جزاء الضعف بما علموا} [٣٤: ٣٧] لم يرد مثلاً ولا مثلين ولكن أراد بالضعف الأضعاف، فأقل الضعف محصور وهو المثل، وأكثره غير محصور. قال الطيبي: "إلى" لانتهاء الغاية، فيكون ما بين العشرة إلى سبع مائة درجات، بحسب الأعمال والأشخاص والأحوال - انتهى. وقد أخذ بعضهم فيما حكاه الماوردي بظاهر هذه الغاية فزعم أن التضعيف لا يتجاوز سبع مائة، ورد بقوله تعالى: {والله يضاعف لمن يشاء} [٢: ٢٦١] ، قال الحافظ: والآية محتملة للأمرين، فيحتمل أن يكون المراد أنه يضاعف تلك المضاعفة بأن يجعلها سبع مائة، وهو الذي قاله البيضاوي، ويحتمل أنه يضاعف السبعمائة بأن يزيد عليها، والمصرح بالرد عليه حديث ابن عباس عند المصنف أي البخاري في الرقاق، ولفظه: ((كتب الله له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة)) - انتهى. فالمراد بسبع مائة: الكثرة (تكتب بمثلها) من غير زيادة، والباء للمقابلة، قال القاري: أي كمية فضلاً منه تعالى ورحمة، وإن كانت السيئات تتفاوت كيفية باختلاف الزمان والمكان وأشخاص الإنسان ومراتب العصيان (حتى لقي الله) إي إلى أن يلقى الله يوم القيامة فيجازيه أو يعفو عنه، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري: ((والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها)) . والعدول إلى الماضي لتحقق وقوعه، كقول تعالى: {أتى أمر الله} [١٦: ١] ، ولا يبعد تعلق "حتى" بالجملتين، وإرادة اللقي بمعنى الموت، قال الحافظ في شرح حديث أبي سعيد بلفظ: ((إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر عنه كل سيئة زلفها ... )) الخ، والحديث يرد على من أنكر الزيادة والنقص في الإيمان؛ لأن الحسن تتفاوت درجاته - انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والبيهقي.

٤٥- قوله: (ما الإيمان) أي علامته (قال: إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك) أي أحزنك ذنبك، قال الطيبي: يعني إذا صدرت منك طاعة وفرحت بها مستيقناً أنك تثاب عليها، إذا أصابتك معصية حزنت عليها، فذلك علامة الإيمان بالله واليوم والآخر (فأنت مؤمن) أي كامل الإيمان. قال المناوي: لفرحك بما يرضى الله وحزنك بما يغضبه، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>