للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ليس مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك)) ، رواه البخاري في ترجمة باب.

٤٤- (٤٣) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أحسن أحدكم إسلامه

ــ

التي هي المفتاح يفتح له الجنة حتى يدخلها مع الناجين وإن لم يعمل عملهم؛ لأنه وإن أتى بالمفتاح غير نافع له؛ لأنه (ليس مفتاح إلا وله أسنان) أي عادة هي الفاتحة (فإن جئت بمفتاح له أسنان) المراد بالأسنان: الأعمال الصالحة المنجية المتضمنة لترك الأعمال السيئة، وشبهها بأسنان المفتاح من حيث الاستعانة بها في فتح المغلقات وتيسير المستصعبات (فتح لك) أي أولاً (وإلا) بأن جئت بمفتاح لا أسنان له (لم يفتح لك) أي فتحاً تاماً أو في أول الأمر، وهذا بالنسبة إلى الغالب، وإلا فالحق أن أهل الكبائر في مشيئة الله تعالى، ولا بد من هذا التأويل ليستقيم على مذهب أهل السنة، وقيل: معنى قول وهب "إن جئت بمفتاح له أسنان" جياد، فهو من باب حذف النعت إذا دل عليه السياق؛ لأن مسمى المفتاح لا يعقل إلا بالأسنان وإلا فهو عود أو حديدة، هذا، وفي ذكر المصنف قول ابن وهب إشارة إلى أنه اختار في معنى الأحاديث التي جاءت في ترتيب دخول الجنة وحرمة النار على مجرد الشهادتين قول من قال من العلماء: إن كلمة الشهادتين سبب مقتض لدخول الجنة والنجاة من النار، لكن له شروط وهي الإتيان بالفرائض، وموانع وهي اجتناب الكبائر، قال الحسن للفرزدق: إن للا إله إلا الله شروطاً، فإياك وقذف المحصنة، وروي عنه أنه قال: هذا العمود فأين الطنب؟ يعني أن كلمة التوحيد عمود الفسطاط، ولكن لا يثبت الفسطاط بدون أطنابه، وهي فعل الواجبات وترك المحرمات، وقيل للحسن: إن ناساً يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة، وقد تقدم الكلام فيه مفصلاً. (رواه البخاري في ترجمة باب) من عادته أن يذكر بعد الباب حديثاً معلقاً مرفوعاً أو موقوفاً على صحابي أو تابعي بغير إسناد، فيه بيان ما يشتمل عليه أحاديث الباب ويضيف إليه الباب، وأثر وهب هذا ذكره البخاري في أول كتاب الجنائز تعليقاً، ووصله في التاريخ الكبير، وأبونعيم في الحلية، وقول المصنف "رواه البخاري" سهو منه، فإنه لم يروه البخاري في صحيحه، لا في ترجمة باب ولا في غيرها، بل ذكره معلقاً، ولا يقال في مثل هذا "رواه" بل يقال: "ذكره".

٤٤- قوله: (إذا أحسن أحدكم إسلامه) أي أجاد وأخلص، كقوله تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن} [٢: ١١٣] قاله الطيبي، ووقع في مسند إسحاق بن راهويه: ((إذا حسن إسلام أحدكم)) ، وكأنه رواه بالمعنى؛ لأنه من لازمه، والمعنى: صار إسلامه حسناً باعتقاده وإخلاصه ودخوله فيه بالباطن والظاهر، وأن يستحضر عند عمله قرب ربه منه واطلاعه عليه، كما دل عليه تفسير الإحسان في حديث سؤال جبريل، وقد تقدم، والخطاب للحاضرين، والحكم عام لهم ولغيرهم باتفاق؛ لأن حكمه - صلى الله عليه وسلم - على الواحد حكم على الجماعة، ويدخل فيه النساء والعبيد لكن النِزاع فيه كيفية

<<  <  ج: ص:  >  >>