للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها أو يذلهم فيدينون لها، قلت: فيكون الدين كله لله)) رواه أحمد.

٤٣- (٤٢) وعن وهب بن منبه قيل له: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن

ــ

الله أو يذلهم (فيدينون لها) بفتح الياء أي فيطيعون وينقادون لها، من دان الناس أي ذلوا وأطاعوا (قلت) القائل المقداد، والظاهر أنه قال في غير حضرته - صلى الله عليه وسلم - بل عند روايته (فيكون الدين كله لله) ، قال الطيبي: أي إذا كان الأمر كذلك فتكون الغلبة لدين الله طوعاً أو كرهاً - انتهى. وقيل: في آخر الزمان، أي حين ينْزل عيسى - عليه السلام - من السماء ويقتل الدجال، لا يبقى على وجه الأرض محل الكفر، بل جميع الخلائق يصيرون مسلمين إما بالطوع والرغبة ظاهراً وباطناً، وإما بالإكراه والجبر، وإذا كان كذلك فيكون الدين كله لله، يشير إليه ما رواه مسلم عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى، فقلت: يا رسول الله، إن كنت لأظن حين أنزل الله عزوجل: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ... } الآية, أن ذلك تام. قال: إن سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث ريحاً طيبة فيتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم)) ، ويدل له حديث أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام)) (رواه أحمد) (ج٦: ص١٠٣) بسند صحيح، وأخرجه أيضاً الحاكم (ج٤: ص٤٣٠، ٤٣١) ، والطبراني في الكبير والبيهقي، وأخرج أحمد (ج٤: ص١٠٣) ، والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي عن تميم الداري مرفوعاً: ((ليبغلن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر)) ، وكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذل والصغار والجزية.

٤٣- قوله: (وعن وهب بن منبه) بضم الميم وفتح النون وتشديد الباء الموحدة وكسرها، هو وهب بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني أبوعبد الله الأنباري، من ثقات أوساط التابعين، قال مسلم بن خالد: لبث وهب أربعين سنة لم يرقد على فراشه، له في البخاري حديث واحد، رواه في كتاب العلم، مات سنة (١١٤) ، وقيل غير ذلك، وقيل: إن يوسف بن عمر ضربه حتى مات. (قيل له: أليس) كأن القائل أشار إلى ما ذكر ابن إسحاق في السيرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسل العلاء بن الحضرمي قال له: ((إذا سئلت عن مفتاح الجنة فقل: مفتاحها لا إله إلا الله)) ، وروي عن معاذ بن جبل نحوه، أخرجه البيهقي في الشعب وزاد: "لكن مفتاح بلا أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك"، وهذه الزيادة نظير ما أجاب به وهب، قال الحافظ: فيحتمل أن تكون مدرجة في حديث معاذ. (لا إله إلا الله) في محل الرفع على أنه اسم ليس، وخبره (مفتاح الجنة) ، وقيل بالعكس، وقدم لشرفه (قال: بلى، ولكن) أي أقول بموجب ذلك، وإنها مفتاحها كما تقدم في الحديث السابق، ولكن لا يغتر أحد بذلك ويظن أنه بمجرد تلفظه بتلك الكلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>