٤٢- (٤١) وعن المقداد أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز وذل ذليل،
ــ
كلمة التوحيد، ولو قالها مرة كان لي حجة عند الله باستخلاصه ونجاة له من عذابه وعقابه، فكيف بالمؤمن المسلم وهي مخلوطة بلحمه ودمه، فلو صرح - صلوات الله عليه - بها في كلامه لم يفخم هذا التفخيم، وهذا الحديث رواه الصحابي عن الصحابي يعني عثمان عن أبي بكر (رواه أحمد) (ج١: ص٦) عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري قال: أخبرني رجل من الأنصار من أهل الثقة أنه سمع عثمان بن عفان يحدث: أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وعن يعقوب عن أبيه عن صالح عن الزهري قال: أخبرني رجل من الأنصار غير متهم أنه سمع عثمان بن عفان ... الحديث، وفيه رجل لم يسم كما ترى، وقول الزهري "رجل من أهل الثقة وغير متهم" تعديل على الإبهام، وفيه اختلاف، وعند الجمهور لا يقبل حتى يسمي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد بعد ذكر الحديث من مسند أحمد بسنده الأول: رواه أحمد والطبراني في الأوسط باختصار وأبويعلى بتمامه والبزار نحوه، وفيه رجل لم يسم، ولكن الزهري وثقه وأبهمه - انتهى.
٤٢- قوله:(وعن المقداد) بكسر الميم، هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة البهراني الكندي حلفاً، أبوالأسود أو أبوعمرو، المعروف بالمقداد بن الأسود نسبة إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف الزهري؛ لأنه كان تبناه وحالفه في الجاهلية، فقيل: المقداد بن الأسود، كان من الفضلاء النجباء الكبار الخيار من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان سادساً في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد كلها، وكان فارساً يوم بدر حتى إنه لم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمرني الله بحب أربعة ... فذكر منهم المقداد، ومناقبه كثيرة، شهد فتح مصر، ومات في أرضه بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة فحمل إليها ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان سنة (٣٣) وهو ابن (٧٠) سنة، له اثنان وأربعون حديثاً، اتفقا على حديث، وانفرد مسلم بثلاثة، روى عنه جماعة (لا يبقى على ظهر الأرض) أي على وجهها من جزيرة العرب وما قرب منها، وقيل: هو محمول على العموم (بيت مدر ولا وبر) أي المدن والقرى والبوادي، وهو من وبر الإبل أي شعرها لأنهم كانوا يتخذون منه ومن نحوه خيامهم غالباً، والمدر جمع مدرة وهي قطعة الطين اليابس واللبنة والطين العلك أي اللزج الذي لا يخالطه رمل (كلمة الإسلام) هي مفعول أدخل، والضمير المنصوب فيه ظرف وقوله (بعز عزيز) حال أي أدخل الله تعالى كلمة الإسلام في البيت متلبسة بعز شخص عزيز، أي يعزه الله بها حيث قبلها من غير سبي وقتال (وذل) بضم الذال (ذليل) أي أو يذله الله بها حيث أباها بذل سبي أو قتال حتى ينقادون لها طوعاً أو كرهاً، أو يذعن لها ببذل الجزية، والحديث مقتبس من قوله تعالى:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}[٦١: ٩] ، ثم فسر العز والذل بقوله إما يعزهم