للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٩٦٧- (٢) وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت. ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما

يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) رواه مسلم.

ــ

فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً-الحديث. ولا دليل لمن حمل حديث ابن عباس على أن الجهر كان أحياناً أو وقتاً يسيراً لأجل تعليم المأمومين صفة الذكر والتكبير كما لا دليل لمن حمل حديث الجهر بالتسمية في الصلاة، وحديث الجهر بالتأمين، على أنه كان أحياناً للتعليم، ولا يثبت شيء بالادعاء والتحكم، والراوي وهو ابن عباس لم يقيد رفع الصوت بوقت دون وقت، بل أطلقه وعممه، وفيه أيضاً لفظه "كان" وهي تشعر بالمواظبة، فدل ذلك على أن أكثر عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قد كان على رفع الصوت بالتكبير، فالحق أن رفع الصوت بذلك أثر كل صلاة مكتوبة حسن كما صرح به ابن حزم في المحلى (ج٤:ص٢٦٠) . (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي.

٩٦٧- قوله: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم) أى من الصلاة المكتوبة. (لم يقعد) أي في بعض الأحيان فإنه قد ثبت قعوده - صلى الله عليه وسلم - بعد السلام أزيد من هذا المقدار. وقيل: المراد لم يقعد مستقبل القبلة إلا مقدار قوله ذلك، ثم يلتفت يمنة أويسرة، أو يستقبل المؤتمين. قال السندي: الظاهر أن المراد لم يقعد على هيئة إلا هذا المقدار ثم ينصرف عن جهة القبلة، وإلا فقد جاء أنه كان يقعد بعد صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس وغير ذلك، فلا دلالة في هذا الحديث على أن المصلي لا يشتغل بالأوراد الواردة بعد الصلاة بل يشتغل بالسنن الرواتب ثم يأتي بالأوراد كما قال بعض العلماء –انتهى. وقيل: المراد لم يقعد بين الفرض والسنة إلا هذا المقدار. قال الطيبي: إنما ذلك في صلاة بعدها راتبة، وأما التي لا راتبة بعدها كصلاة الصبح فلا-انتهى. (اللهم أنت السلام) هو من أسماء الله تعالى، أي أنت السليم من المعائب والآفات، ومن كل نقص، وقال الأمير اليماني: المراد ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وصف به للمبالغة. (ومنك السلام) هذا بمعنى السلامة، أي أنت الذي تعطي السلامة وتمنعها، أو منك نطلب السلامة من شرور الدنيا والآخرة، أو منك يرجى السلام ويستوهب ويستفاد، أو السلامة من المعائب والآفات مطلوبة منك، أو حاصلة من عندك، فالسالم من سلمته، قال الشيخ الجزري: وأما ما يزاد بعد قوله "ومنك السلام" من نحو "وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام" وأدخلنا دار السلام، فلا أصل له، بل مختلق من بعض القصاص. (تباركت) تفاعلت من البركة وهي الكثرة والنماء، ومعناه تعاظمت إذ كثرت صفات جلالك وكمالك. (يا ذالجلال) أي ذا العظمة. (والإكرام) أي الإحسان. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>