٩٦٨- (٣) وعن ثوبان، رضي الله عنه، قال. ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)) رواه مسلم.
٩٦٩- (٤) وعن المغيرة بن شعبة، ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد))
ــ
٩٦٨- قوله:(إذا انصرف من صلاته) أي سلم منها. قال النووي: المراد بالانصراف السلام. (استغفر ثلاثاً) قال مسلم في صحيحه بعد رواية هذا الحديث: قال الوليد، فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: يقول: أستغفر الله، أستغفر الله –انتهى. وقيل: أقله أستغفر الله، والأكمل زيادة العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، والاستغفار إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه لما يعرض له من الوسواس والخواطر، فشرع له الاستغفار تداركا لذلك، وقال السندي: استغفر - صلى الله عليه وسلم - تحقيراً لعمله وتعظيماً لجناب ربه. وكذلك ينبغي أن يكون حال العابد، فينبغي أن يلاحظ عظمة جلال به وحقارة نفسه وعمله لديه، فيزداد تضرعاً واستغفاراً كلما يزداد عملا، وقد مدح الله عباده فقال. {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون}[٥١: ١٧، ١٨] . وقال ابن سيد الناس: هو وفاء بحق المعبودية، وقيام بوظيفة الشكر كما قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. وليبين للمؤمنين سننه فعلا كما بينها قولاً في الدعاء والضراعة ليقتدي به. (وقال) أي بعد الاستغفار. (أنت السلام) أي المختص بالتنزه عن النقائص والعيوب لا غيرك. (ومنك السلام) أي منك السلامة، منها لمن أردت له ذلك لا من غيرك. (يا ذا الجلال والإكرام) بزيادة "يا" في جميع نسخ المشكاة الحاضرة عندنا، وفي صحيح مسلم "ذا الجلال والإكرام" بحذف "يا". وهذا من عظائم صفاته تعالى لا يستعمل في غير الله تعالى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٩٦٩- قوله:(كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة) أي عقب كل صلاة فريضة. (لا إله إلا الله وحده) أي منفرداً في ذاته. (لا شريك له) أي في أفعاله، وصفاته، وعبادته، وقال ابن حجر: تأكيد بعد تأكيد لمزيد الاعتناء بمقام التوحيد. (له الملك) أي لا لغيره. (وله الحمد) في الأولى والآخرة. قال الحافظ في الفتح: زاد الطبراني من طريق أخرى، عن المغيرة "يحيى ويميت" وهو حي لا يموت، بيده الخير، إلى "قدير". ورواته موثقون. (اللهم لا مانع لما أعطيت) أي من قضيت له بقضاء من رزق أو غيره لا يمنعه أحد عنه. (ولا معطي لما منعت) أي من قضيت له بحرمان لا معطي له. (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم وهو الحفظ، والغنى، والعظمة، والسلطان، وأبو الأب والأم، و"من " في قوله "منك" بمعنى البدل، قال الشاعر: