٩٧٠- (٥) وعن عبد الله بن الزبير، قال. ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من صلاته يقول بصوته
الأعلى: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،
ــ
فليت لنا من ماء زمزم شربه ... ... مبردة باتت على الظمآن
يريد ليت لنا بدل ماء زمزم. وقيل:"منك" بمعنى عندك؛ وقيل: هو صفة الجد أي الكائن منك. وقيل: المضاف فيه مقدر أي من عذابك، وسطوتك، وقضائك، والمعنى: لا ينفع صاحب الغنى والحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان عندك، أو من عذابك، أو بدل لطفك غناه وحظه، أي لا ينجيه حظه منك، وإنما ينفعه وينجه فضلك ورحمتك، أو لا ينفع ذا نسب نسبه، وإنما ينفعه العمل الصالح. وروي "الجد" بكسر الجيم، والمعنى: لا ينفع صاحب الجد والاجتهاد في العلم والعمل مجرد اجتهاده في ذلك ما لم يقارنه القبول، وذلك لا يكون إلا بفضل الله ورحمته. والحديث دليل على استحباب هذا الذكر عقب الصلوات لما أشتمل عليه من ألفاظ التوحيد، ونسبة الأمر كله إليه، والمنع والإعطاء، وتمام القدرة، وظاهره أن يقول ذلك مرة، وفي رواية للنسائي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول هذا التهليل وحده أولاً ثلاث مرات. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي.
٩٧٠- قوله:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى) حديث عبد الله بن الزبير هذا أخرجه مسلم من طرق، ولكن ليس في طريق منها قوله "بصوته الأعلى". وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي ولم تقع هذه اللفظة عندهم أيضاً، ولفظ مسلم في طريق الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن الزبير: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا سلم في دبر الصلاة أو الصلوات "لا إله إلا الله وحده" الخ. وفي طريق موسى بن عقبة عن أبي الزبير أنه سمع عبد الله بن الزبير، وهو يقول في أثر الصلاة إذا سلم ... وكان يذكر ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما السياق الذي ذكره المصنف تبعاً للبغوي فهو للشافعي في كتاب الأم (ج١:ص١١٠) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثني موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، أنه سمع عبد الله بن الزبير يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له" الخ. إلا أنه ليس عنده كلمة "لا إله إلا الله" بين قوله " لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقوله "ولا نعبد إلا إياه"، وقوله "إذا سلم" فيه أنه ينبغي أن يكون هذا الذكر تالياً للسلام مقدما على غيره لتقييد القول به بوقت التسليم، ولا يعارض ذلك ما تقدم من حديث عائشة وثوبان، فإنه يحمل على أوقات مختلفة فيقول بعد السلام تارة ما وقع في حديث عائشة وثوبان، وتارة ما وقع في حديث ابن الزبير والمغيرة، وعلى هذا فالسنة أن يأتي بهذه الأذكار على سبيل البدل لا الجمع. وقيل: يجوز الجمع بينها؛ لأنه يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بينها