للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكبر عند الله؟ قال: ((أن تدعو لله نداً وهو خلقك. قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك)) .

ــ

سنة (٣٢) ودفن بالبقيع، وله بضع وستون سنة. مناقبه وفضائله كثيرة جداً، بسط ترجمته الحافظ في الإصابة (ج٢ ص٣٧٠، ٣٦٨) وابن عبد البر في الاستيعاب. روى ثمان مائة حديث وثمانية وأربعين حديثاً، اتفقا على أربعة وستين، وانفرد البخاري بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين. روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين. (أي الذنب أكبر) وفي رواية أعظم (أن تدعو) أي تجعل كما في رواية وكقوله تعالى: {لا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون} [٢:٢٢] (نداً) بكسر النون أي شريكا ونظيراً، والند في اللغة: المثل المناوي: أي المماثل المخالف المضاد المعادي، من ند ندوداً إذا نفرا، وناددت الرجل أي خالفته، خص بالمخالف في الأفعال والأحكام المماثل في الذات والصفات، كما خص المساوي للمماثل في القدر والشكل فيما يشارك في القدر والمساحة، والشبه فيما يشارك في الكيفية، والمثل عام في جميع ذلك، والضد أحد المتقابلين لا يمكن اجتماعها (وهو خلقك) أي وغيره لا يستطيع خلق شيء، فوجود الخلق يدل على الخالق، واستقامة الخلق تدل على توحيده، إذ لو كان المدبر اثنين لم يكن على الاستقامة. والجملة حال من الله أو من فاعل " أن تدعو"، أي والحال أنه انفرد بخلقك ولم يخلقك غيره، ولم يقدر على أن يدفع السوء والمكاره منك غيره، بل لله عليك الأنعام بما لا تقدر على عده. وفي الخطاب إشارة إلى أن الشرك من العالم بحقيقة التوحيد أقبح منه من غيره، (قال ثم أي) استفهام بالتنوين بدل من المضاف إليه لكن يحذف التنوين وقفاً بمعنى: أي شيء من الذنوب أكبر بعد الشرك، فثم لتراخي الرتبة (أن تقتل ولدك) أي الذي هو أحب الأشياء عند الإنسان عادة، ثم الحامل على قتله خوف أن يأكل معك، وهو في نفسه من أخس الأشياء، فإذا قارن القتل سيما قتل الولد سيما من العالم بحقيقة الأمر كما يدل عليه الخطاب زاد قبحاً على قبح. (خشية) منصوب على أنه مفعول له (أن يطعم) بنصب أوله (معك) بخلا مع الوجداًن أو إيثاراً لنفسه عليه عند الفقد، ولا اعتبار بمفهومه لأنه خرج مخرج الغالب لأنهم كانوا يقتلونهم لأجل ذلك، وهو معنى قوله: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} [١٧:٣١] أي فقر. (أن تزاني حليلة جارك) الحليلة بالحاء المهملة، وهي زوجته من حل يحل بالكسر، لأنها تحل له، فهي فعيلة بمعنى فاعلة، أو من حل يحل بالضم حلولاً؛ لأنها تحل معه في فراش واحد. قال النووي: ومعنى "تزاني" أي تزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنا وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني، وذلك أفحش، وهو مع امرأة الجار أشد قبحاً وأعظم جرماً؛ لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه، ويأمن بوائقه ويطمئن إليه، وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه، فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منهما على وجه لا يتمكن غيره منه كان في غاية من القبح - انتهى. والحاصل أن هذه الذنوب أي الإشراك بالله والقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>