ما شأنكم تنظرون إلى؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شمتني قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس،
ــ
والمعنى: وافقدها لي فاني هلكت، وفي بعض الروايات: وأثكل أماه أي من غير زيادة الياء. (ما شأنكم) أي ما حالكم وأمركم. (تنظرون إلى) نظر الغضب. (فجعلوا) أي شرعوا. (يضربون بأيديهم على أفخاذهم) أى زيادة في الإنكار علي، وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته للرجال والتصفيق للنساء، وفيه دليل على أن الفعل في الصلاة لا تبطل به الصلاة. (يصمتونني) بتشديد الميم من التصميت أي يسكتونني يعني يأمرونني بالصمت والسكوت ويشيرونني إليه. (لكني سكت) لا بد من تقدير جواب لما ومستدرك لكن ليستقيم المعنى، فالتقدير: فلما رأيتهم يصمتونني غضبت وتغيرت ولكن سكت ولم أعمل بمقتضى الغضب، قاله الطيبي: وقيل: المعنى لما عرفت أنهم يأمرونني بالصمت عجبت لجهلي بقبح ما ارتكبت ومبالغتهم في الإنكار على وأردت أن أخاصمهم لكن سكت امتثالاً؛ لأنهم أعلم مني، ولم أعمل بمقتضى غضبي ولم أسأل عن السبب. (فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أى فرغ من الصلاة، وجوابه قوله قال إن هذه الصلاة، وقوله: فيأبى وأمي إلى قوله: قال معترضة بين لما وجوابه، والفاء فيه كما في قوله تعالى. {ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه، وجعلناه هدى لبنى إسرائيل}[٣٢: ٢٣] ، فإنه عطف وجعلناه على أتينا وأوقعها معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، كذا قاله الطيبي: وتبعه ابن حجر، وقال: واعترض بينهما بما فيه غاية الإلتئام والمناسبة لهما. وقال ميرك: الأولى أن يقال جواب قوله "فلما صلى" محذوف، وهو ما دل عليه جملة. (فبأبى هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه) أي أشتغل بتعليمي بالرفق وحسن الكلام، تم كلامه. وضمير "هو" يعود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي هو مفدى بهما، وفي رواية: فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاني بأبي وأمي هو ما ضربني الخ. (فوالله ما كهرني) أي ما انتهرني وزجرني، أو ما استقبلني بوجه عبوس. قال الطيبي: الكهر والقهر والنهر أخوات. وقال الجزري: يقال كهره إذا زبره واستقبله بوجه عبوس. (ولا ضربني ولا شتمني) أي لا أغلط لي في القول. قال القاري: أراد نفي أنواع الزجر والعنف واثبات كمال الإحسان واللطف. (قال) جواب لما، على ما قاله الطيبي، واستئناف مبين لحسن التعليم، على مختار غيره. (إن هذه الصلاة) إشارة إلى جنس الصلاة فيشمل الفرائض وغيرها. (لا يصلح) وفي رواية لا يحل. (فيها شيء من كلام الناس) أي ما يجري في مخاطباتهم ومحاوراتهم. قال الشوكاني: الظاهر أن المراد بكلام الناس ههنا التكليم للغير، وهو الخطاب للناس بشهادة السبب وقال القاضي: أضاف الكلام إلى الناس ليخرج منه الدعاء والتسبيح والذكر فإنه لا يراد بها خطاب الناس