للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها))

ــ

ختن النبي - صلى الله عليه وسلم -، زوج ابنته زينب أكبر بناته، رضي الله عنهن. وأمه هالة بنت خويلد بن أسد أخت خديجة لأبيها وأمها، أسلم قبل الفتح، وهاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان أسر يوم بدر كافراً، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته زينب بالنكاح الأول، وماتت معه، وأثنى عليه في مصاهرته. وكانت وفاته في خلافة أبي بكر الصديق في ذي الحجة سنة اثني عشرة من الهجرة، وقد بسط قصة أسره يوم بدر وإسلامه ابن عبد البر والحافظ نقلاً عن ابن إسحاق. (على عاتقه) بكسر التاء وهو ما بين المنكبين إلى أصل العنق. وفي رواية لأحمد على رقبته. (فإذا ركع وضعها) هكذا في صحيح مسلم والنسائي وأحمد وابن حبان، ورواية البخاري: فإذا سجد وضعها. ولأبي داود: حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها، وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه - صلى الله عليه وسلم -، لا أنها كانت تنزل وتركب بنفسها. وهذا يرد تأويل الخطابي، حيث قال: يشبه أن تكون الصبية قد ألفته، فإذا سجد تعلقت بأطرافه والتزمته، فينهض من سجوده فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع فيرسلها. (وإذا رفع) أي رأسه. (من السجود أعادها) ولأحمد: فإذا قام حملها فوضعها على رقبته. والحديث فيه دليل لصحة صلاة من حمل آدميا أو حيواناً طاهراً، وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى يتحقق نجاستها، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة، وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة. وفيه تواضع مع الصبيان وسائر الضعفة، ورحمتهم وملاطفتهم. وفيه دليل على جواز إدخال الصبيان في المساجد، وعلى أنه يجوز حمل الصبي والصبية في الصلاة من غير فوق بين الفريضة والنافلة والمنفرد والمؤتم والإمام؛ لأن قوله: يؤم الناس صريح، أو كالصريح في أنه كان في الفريضة. وأصرح من هذا ما أخرجه أبوداود بلفظ: بينما نحن ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر أو العصر، وقد دعاه بلال إلى الصلاة، إذ خرج علينا، وأمامة على عاتقه، فقام في مصلاه، فقمنا خلفه فكبر فكبرنا وهي في مكانها. وإذا جاز ذلك في حال الإمامة في صلاة الفريضة جاز في غيرها بالأولى. وإليه ذهب الشافعي وأحمد. قال في الشرح الكبير (ج١ ص٦٧٢) : وإن كان، أي العمل الذي من غير جنس الصلاة، متفرقاً لم تبطل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمل أمامة في الصلاة، إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها، وهذا لو اجتمع كان كثيراً، وإن كان يسيراً لم يبطلها-انتهى. وذهب مالك إلى عدم جواز الحمل مطلقاً، وأجاب عن الحديث بأنه كان في النافلة، وهو مردود، لما تقدم من رواية أبي داود. ويرده أيضاً رواية مسلم؛ لأن إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة. وأجاب أيضاً بأن ذلك كان للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها، وقال بعض أصحابه: لأنه لو تركها لبكت وشغلت سره أكثر من شغله بحملها. وقال الباجي: إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما. وهذا أيضاً مردود؛ لأنه دعوى مجردة لا دليل

<<  <  ج: ص:  >  >>