وفي رواية قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء)) رواه أحمد، وروى النسائي الرواية الأولى، وأبوداود الثانية.
١٠٠٨- (٢٤) وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى
ــ
بسنده إلى علي بن أبي طالب، قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد بن الأسود، ولقد رأيتنا وما فينا قائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح، وبوب عليه ذكر الإباحة للمرأ أن يبكي من خشية الله، ويدل عليه أيضاً ما أخرجه البيهقي وسعيد بن منصور وابن المنذر أن عمر صلى صلاة الصبح وقرأ سورة يوسف حتى بلغ إلى قوله:{إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}[٨٦:١٢] فسمع نشيجه. والنشيج على وزن فعيل أشد البكاء كما في المحكم، ويدل عليه أيضاً ما روي عن ابن عمر عند البخاري وعن عائشة عند البخاري ومسلم في تصميمه - صلى الله عليه وسلم - على استخلاف أبي بكر في الصلاة بعد أن أخبر أنه إذا قرأ غلبه البكاء، ويدل عليه أيضاً مدح الباكين بقوله تعالى:{إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً}[١٩: ٨٥] وبقوله: {ويخرون للأذقان يبكون}[١٧: ١٠٩] ، فإنه يشمل المصلي وغيره. واختلف العلماء في البكاء والأنين والتأوه فعن الشعبي والنخعي يفسد الصلاة، وعن المالكية والحنابلة والحنفية: إن كان لذكر النار والجنة والخوف لم يفسد، وإن كان لغير الخوف كالمصيبة والوجع أفسد. وفي مذهب الشافعي ثلاثة أوجه: أصحها إن ظهر منه حرفان أو حرف مفهم أفسد وإلا فلا، ثانيها: وحكى عن نصه في الإملاء أنه لا يفسد مطلقاً؛ لأنه ليس من جنس الكلام، ولا يكاد يبين منه حرف محقق فأشبه الصوت الغفل، ثالثها: عن القفال إن كان فمه مطبقاً لم يفسد وإلا أفسد إن ظهر منه حرفان، وبه قطع المتولي. قال الحافظ: والوجه الثاني أقوى دليل. (وفي رواية) أخرى. (كأزيز الرحى) يعنى الطاحون. قال الخطابي: أزيز الرحى صوتها وحرحرتها. (من البكاء) بالمد أي من أجله. قال ابن حجر: هو بالقصر خروج الدمع مع الحزن، وبالمد خروجه مع رفع الصوت. (رواه أحمد)(ج٤: ص٢٥- ٢٦) أي أصل الحديث عند أحمد مع قطع النظر عن خصوص اللفظ، وإلا فليس عنده الرواية الثانية. والحديث أخرجه أيضاً الترمذي في الشمائل، قال الحافظ في الفتح: وإسناده قوي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ووهم من زعم أن مسلماً أخرجه-انتهى.. (وروى النسائي الرواية الأولى الخ) ، وأخرج البيهقي الروايتين (ج٢: ص٢٥١) .
١٠٠٨- قوله:(إذا قام أحدكم إلى الصلاة) أي إذا دخل فيها، إذ قبل التحريم لا يمنع. (فلا يمسح الحصى) أي فلا يعرض عن الصلاة لأدنى شيء، أي لما فيه من قطع التوجه للصلاة، فتفوته الرحمة المسببة عن الإقبال على الصلاة، وهذا إذا لم يكن لإصلاح محل السجود، وإلا فيجوز مرة بقدر الضرورة، كما تقدم. والحصى