فإن الرحمة توجهه)) رواه أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
١٠٠٩- (٢٥) وعن أم سلمة، قالت:((رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غلاماً لنا، يقال له: أفلح، إذا سجد نفخ، فقال: يا أفلح ترب وجهك)) .
ــ
بفتحتين واحدتها حصاة، وهي الحجارة الصغيرة، والتقييد بالحصى خرج مخرج الغالب، لكونه كان الغالب على فرش مساجدهم، ولا فرق بينه وبين التراب والرمل على قول الجمهور. ويدل على ذلك قوله في حديث معيقيب المتقدم في الرجل يسوي التراب. (فإن الرحمة تواجهه) أي تنزل عليه وتقبل إليه. وهي علة للنهي، يعني فلا يليق لعاقل تلقي شكر تلك النعمة الخطيرة بهذه الفعلة الحقيرة، قاله الطيبي. وقال الشوكاني: هذا التعليل يدل على أن الحكمة في النهي عن المسح أن لا يشغل خاطره بشيء يلهيه عن الرحمة المواجهة له، فيفوته حظه منها. وقد روي أن حكمة ذلك أن لا يغطي شيئاً من الحصى يمسحه، فيفوته السجود عليه، كما تقدم في رواية ابن أبي شيبة عن أبي صالح السمان. قال ابن العربي: معناه الإقبال على الرحمة، وترك الاشتغال عنها بالحصباء وسواه إلا أن يكون لحاجة كتعديل موضع السجود أو إزالة شيء مضر، وقد كان مالك يفعله، وغيره يكرهه-انتهى. (رواه أحمد)(ج٥: ص١٥٠- ١٦٣- ١٧٩) . (والترمذي) وحسنه. (وأبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. (والنسائي وابن ماجه) وأخرجه البيهقي أيضاً (ج٢: ص٢٨٤) كلهم من طريق الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر. وقد تقدم الكلام في أبي الأحوص. وفي الباب أحاديث عديدة ذكرها الشوكاني في النيل.
١٠٠٩- قوله:(وعن أم سلمة) أم المؤمنين. (يقال له: أفلح) وقيل: اسمه رباح، كما في رواية لأحمد (ج٦: ص٣٢٣) والترمذي، وقيل: يسار، كما في رواية أخرى لأحمد (ج٦: ص٣٠١) . (إذا سجد) أي إذا أراد أن يسجد. (نفخ) أي في الأرض ليزول عنها التراب فيسجد. (ترب وجهك) أي في سجودك من التتريب، أي أوصل وجهك إلى التراب، وألقه به وضعه عليه، ولا تبعده عن موضع وجهك بالنفخ، فإنه أقرب إلى التواضع والتذليل والخضوع، فإن علوق التراب بالوجه الذي هو أفضل الأعضاء غاية التواضع. والحديث قد استدل به من اختار مباشرة المصلي للأرض من غير وقاية، روي ذلك عن ابن مسعود وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعي خلافاً للجمهور، قال العراقي: والجواب عنه: أنه لم يأمره أن يصلي على التراب، وإنما أراد به تمكين الجبهة من الأرض، وكأنه رآه يصلي ولا يمكن جبهته من الأرض، فأمره بذلك. لا أنه رآه يصلي على شيء يستره من الأرض، فأمره بنزعه-انتهى. واستدل بالحديث أيضاً على كراهة النفخ في الصلاة. وقد اختلف العلماء فيه: فروي عن مالك كراهة النفخ في الصلاة ولا يقطعها كما يقطعها الكلام، وهو قول أحمد وإسحاق على ما ذكر الترمذي. وإليه ذهب أبويوسف وأشهب على ما قال ابن بطال. وفي المدونة: