وأبوعيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضاً عن عاصم الأحول به، وفيه زيادة، وقال: هو حديث حسن. ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب، كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل. والصحيح أنه علي بن طلق-انتهى. وقال الحافظ في التلخيص (ص١٠٦) بعد ذكر الحديث ما لفظه: هكذا نسبه أي الرافعي، فقال: علي بن أبي طالب، وهو غلط، والصواب: علي بن طلق، وهو اليماني، كذا رواه من طريقة أحمد وأصحاب السنن والدارقطني وابن حبان-انتهى. وقال الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (ج٢:ص٦٤- ٦٦) بعد ذكر كلام ابن كثير السابق. هكذا وافق الحافظ ابن كثير رأي الترمذي في أن علياً في هذا الإسناد هو ابن طلق؛ لأنه ذكر فيه من غير نسب، فلم ينص على أنه هذا أو ذاك وأنا أرجح أن رأى الترمذي ومن تبعه خطأ؛ لأنه من المستبعد جداً أن يخفى مثل هذا على الإمام أحمد وابنه عبد الله، ولأن علي بن طلق اشتبه أمره على البخاري فظن أنه شخص آخر غير طلق بن علي اليماني، فلم يعرف له غير هذا الحديث الواحد، وظن ابن عبد البر أن علي بن طلق هو والد طلق بن علي. وقوى حافظ في التهذيب هذا الظن لاتفاق نسبهما، ولو كان هذا صحيحاً لكان علي بن طلق صحابياً قديماً معمراً حتى يدركه مسلم بن سلام، بل حتى يدركه عيسى ابن حطان الرقاشي، فيما يزعم الحافظ في التهذيب (ج٢:ص٢٠٧) : أنه روى عنه على خلاف فيه. بل أنا ظن أن الحديث حديث علي بن أبي طالب، كما ذكره الإمام أحمد في مسنده. (أي علي بن أبي طالب) ، رواه عنه مسلم بن سلام، ورواه عن مسلم ابنه عبد الملك على الصواب، ثم رواه عن مسلم أيضاً عيسى بن حطان فأخطأ، فقال عنه "عن علي بن طلق"، قال: وأما رواية الإمام أحمد حديث "علي بن طلق" التي أشار الحافظ ابن كثير إلى أنه رواها بإسنادين فلم أجدها في المسند، بل لم أجد لعلي بن طلق فيه مسنداً خاصاً بما حصرت مسانيده في فهارسي، ولا فيما أتممت تحقيقة من هذا الديوان الأعظم، وهو أكثر من خمسة عشر ألف حديث، فلعله سيأتي في باقي الكتاب في أثناء مسند صحابي آخر، والله اعلم-انتهى. قلت: قد ظهر من هذا كله أن عيسى بن حطان ذكر علياً في روايته عن مسلم بن سلام منسوباً، فنص على أنه ابن طلق، وهذه الرواية عند أحمد على ما ذكر ابن كثير والترمذي وأبي داود والدارمي وابن حبان والدارقطني وابن الأثير الجزري في أسد الغابة (ج٣:ص٦٤) ، ورواه عبد الملك بن مسلم بن سلام عن أبيه مسلم، فذكره من غير نسب فلم ينص على أنه هذا أو ذاك، وتلك الرواية المقيدة قرينة واضحة على أن علياً في رواية عبد الملك هو ابن طلق، لا ابن أبي طالب. ومجرد ذكر الإمام أحمد أو ابنه أو غيرهما ممن رتب المسند وهذبه هذه الرواية المطلقة، أي رواية عبد الملك بن مسلم عن أبيه عن علي من غير نسب في مسند علي بن أبي طالب لا يدل على أن علياً هذا هو ابن أبي طالب؛ لأن هذا ليس مجرد الرأي والفهم، وهو ليس بحجة على غير صاحبه. وليس فيه أيضاً دليل على وقوع الخطأ من عيسى بن حطان في ذكر