للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس))

ــ

فضل الأذان وإجابة المؤذن "إذا نودي بالصلاة" قرينة في أن المراد الفريضة، وكذا قوله "إذا ثوب"، أجيب بأن ذلك لا يمنع تناول النافلة؛ لأن الإتيان بها حينئذٍ مطلوب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بين كل أذانين صلاة". (جاءه الشيطان) الظاهر أن "ال" فيه للعهد الذهني. وهو شيطان الصلاة الذي يسمى خنزب، كما رواه مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص. (فلبس عليه) من الثلاثي، أي خلط عليه أمر صلاته وشوش خاطره. مصدره اللبس واللبس. وهو اختلاط الأمر، يقال لبس عليه الأمر يلبسه فالتبس، إذا خلطه عليه، وجعله مشتبهاً بغيره، خافياً حتى لا يعرف جهته. وقد يشدد للمبالغة، فيقال: لبس تلبيساً، وأما اللباس فمن باب سمع. قال الجزري: لبست الأمر بالفتح ألبسه، إذا خلطت بعضه ببعض. ومنه قوله تعالى: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} [٦: ٩] . وربما شدد للتكثير-انتهى. وقال النووي: هو بالتخفيف أي خلط عليه صلاته، وشبهها عليه، وشككه فيها. (حتى لا يدري كم صلى) أي ركعة أو ركعتين أو غيرهما. والمعنى حتى ينسى قدر ما صلى لاشتغال قلبه. (فإذا وجد ذلك) أي التردد، وعدم العلم. وقيل: السهو. (أحدكم) في صلاته. (فليسجد سجدتين) ترغيماً للشيطان حيث لبس عليه صلاته. وليس شيء أثقل على الشيطان من السجود لما لحقه ما لحقه من الامتناع عن السجود. وفيه دلالة على أنه لا زيادة على سجدتين وإن سها بأمور متعددة. (وهو جالس) زاد ابن إسحاق وابن أخي الزهري كلاهما عن الزهري في هذا الحديث عند أبي داود لفظ "قبل أن يسلم". وكذا وقعت هذه الزيادة عند ابن ماجه من رواياته ابن إسحاق عن الزهري، وسلمة بن صفوان بن سلمة كلاهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، لكن أعلها أبوداود وغيره بأن الحفاظ من أصحاب الزهري، ابن عيينة ومعمراً والليث ومالكاً لم يقولوا "قبل أن يسلم". وإنما ذكره ابن إسحاق وابن أخي الزهري، وليسا بحجة على من لم يذكروه، قاله الزرقاني. وقال الحافظ في الفتح: لم يقع في رواية الزهري تعيين محل السجود. وقد روى الدارقطني من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً إذا سها أحدكم فلم يدر أزاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم. إسناده قوي ولأبي داود من طريق ابن أخي الزهري عن عمه نحوه بلفظ "وهو جالس قبل التسليم". وله من طريق ابن إسحاق قال حدثني الزهري بإسناده، وقال فيه "فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم". قال العلائي: سنده الزيادة في هذا الحديث بمجموع هذه الطرق، لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به-انتهى. وهذا كما ترى لم يلتفت الحافظ والعلائي إلى ما أشار إليه أبوداود من إعلال هذه الزيادة، بل جعلاها حجة، وهذا هو الصواب عندي؛ لأنها زيادة ثقة غير معارضة لرواية الثقات، أو لرواية من هو أوثق منه فتقبل، ولا سيما قد

<<  <  ج: ص:  >  >>