للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

ــ

ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح، قاله النووي. وقال الشوكاني: والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب. وذلك؛ لأن التحري في اللغة: هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب. قد أمر به - صلى الله عليه وسلم - وأمر بالبناء على اليقين. والبناء على الأقل عند عروض الشك. فإن أمكن الخروج بالتحري عن تاثرة الشك لغة، ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات، فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل؛ لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقل عدم الدراية، كما في حديث عبد الرحمن بن عوف. وهذا المتحري قد حصلت له الدراية. وأمر الشاك بالبناء على ما استيقن، كما في حديث أبي سعيد، ومن بلغ به تحريه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن. وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة، وأن التحري المذكور مقدم على البناء على الأقل. وقد أوقع الناس ظن التعارض بين هذه الأحاديث في مضائق ليس عليها أثارة من علم، كالفرق بين المبتدأ والمبتلى والركن والركعة-انتهى قلت: هذا تحقيق جيد حقيق بالقبول. وأما ما ذهب إليه الحنفية من البناء على أكبر الرأي وأكثر الظن وأغلبه، فلم أجد فيه حديثاً صريحاً مرفوعاً صحيحاً أو حسناً. وأيضاً هو مبنى على أخذ الشك الواقع في حديث أبي سعيد وغيره في المعنى المصطلح وقد عرفت ما فيه. وأما استدلالهم على ذلك بلفظ التحري في حديث ابن مسعود الآتي ففيه ما تقدم آنفاً، وسيأتي مزيد الكلام في ذلك. ثم إن ظاهر قوله: إن أحدكم إذا قام يصلي، وقوله: إذا شك أحدكم في صلاته في حديثي أبي سعيد وابن مسعود، وقوله: من صلى صلاة في حديث عبد الرحمن بن عوف، يدل على ما ذهب إليه الجمهور من أن سجود السهو مشروع في صلاته النافلة، كما هو مشروع في صلاة الفريضة؛ لأن الجبران وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل، كما يحتاج إليه في الفريضة. وذهب ابن سيرين وقتادة وعطاء إلى أن التطوع لا يسجد فيه. وهذا يبني على الخلاف في اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في الأفعال المخصوصة هل هو متواطئ فيكون مشتركاً معنوياً فيدخل تحته كل صلاة. أو هو مشترك لفظي بين صلاتي الفريضة والنافلة فذهب الفخر الرازي إلى الثاني، لما بين صلوتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام واستقبال القبلة وعدم اعتبار العدد المنوي وغير ذلك. قال العلائي: والذي يظهر أنه مشترك معنوي لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة، وهو التحريم والتحليل مع ما يشمل الكل من الشروط التي لا تنفك. قال الحافظ: وإلى كونه مشتركاً معنوياً ذهب جمهور أهل الأصول. قال ابن رسلان: وهو أولى لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل، والتواطؤ خير منه-انتهى. فمن قال إن لفظ الصلاة مشترك معنوي قال بمشروعية سجود السهو في صلاة التطوع. ومن قال بأنه مشترك لفظي فلا عموم له حينئذٍ إلا على قول الشافعي: أن المشترك يعم جميع مسمياته. وقد ترجم البخاري على حديث أبي هريرة هذا: باب السهو في الفرض والتطوع، وذكر عن ابن عباس أنه سجد سجدتين بعد وتره. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد ومالك والترمذي وأبوداود والنسائي وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>