للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢٤- (٤) وعن عبد الله بن مسعود: ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سلم)) .

ــ

١٠٢٤- قوله: (صلى الظهر خمساً) أي خمس ركعات. (فقيل له) أي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن سلم. (أزيد في الصلاة) بهمزة الإستفهام للإستخبار. (فقال وما ذاك) أي وما سؤالكم عن الزيادة في الصلاة. وفي رواية لمسلم: فلما انفتل توشوش القوم بينهم فقال: ما شأنكم، قالوا: يا رسول الله! هل زيد في الصلاة، قال: لا وقد تبين بهذه الرواية أن سؤالهم لذلك كان بعد استفساره لهم عن مشاورتهم. وهو دال على عظيم أدبهم معه - صلى الله عليه وسلم -. (فسجد سجدتين) أي للسهو. (بعد ما سلم) كلمة "ما" مصدرية أي بعد سلام الصلاة. وفي رواية للشيخين: فثنى رجليه واستقبل القبلة، وسجد سجدتين ثم سلم، أي من سجدتي السهو. وقد روى أحمد ومسلم وابن خزيمة وغيرهم هذا الحديث مختصراً أيضاً بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام. قال ابن خزيمة: إن كان المراد بالكلام قوله: وما ذاك، في جواب قولهم: "أزيد في الصلاة"، فهذا نظير ما وقع في قصة ذي اليدين. وسيأتي البحث فيه فيها. وإن كان المراد به قوله: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون. فقد اختلفت الرواة في الموضع الذي قالها فيه: ففي رواية منصور: أن ذلك كان بعد سلامه من سجدتي السهو. وفي رواية غيره أن ذلك كان قبل. ورواية منصور أرجح - انتهى. واحتج به من قال إن سجود السهو كله بعد السلام، وهم الحنفية، وتعقب بأنه لم يعلم بزيادة الركعة إلا بعد السلام حين سألوه هل زيد في الصلاة. وقد اتفق العلماء في هذه الصورة على أن سجود السهو بعد السلام لتعذره قبله لعدم علمه بالسهو. وأجاب بعضهم مما وقع في هذا الحديث من الزيادة الآتية القولية. وأجيب بأنه معارض بحديث أبي سعيد المتقدم. فالظاهر أن ذلك كان منه - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز، والتوسع في الأمرين. كما تقدم، وقد رجح البيهقي: التخيير في سجود السهو قبل السلام أو بعده. ونقل الماوردي وغيره: الإجماع على الجواز. وإنما الخلاف في الأفضل. وكذا قال النووي، واستدل بالحديث على أن من صلى خمساً ساهياً ولم يجلس في الرابعة أن صلاته لا تفسد، خلافاً للكوفيين. وقولهم: يحمل هذا على أنه قعد في الرابعة يحتاج إلى دليل، بل السياق يرشد إلى خلافه. وعلى أن الزيادة في الصلاة على سبيل السهو لا تبطلها، وعلى أن من لم يعلم بسهوه إلا بعد السلام يسجد للسهو، وعلى أن الكلام العمد فيما يصلح به الصلاة لا يفسدها، وعلى أن من تحول عن القبلة ساهياً لا إعادة عليه. كذا في الفتح. قلت: ذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهوية وغيرهم إلى أنه إذا صلى الرجل الظهر خمساً فصلاته جائزة، وسجد سجدتي السهو. وإن لم يجلس في الرابعة. والحديث حجة لهم. ومسلك الحنفية في ذلك على ما في الهداية وحواشيه: أن من سها عن القعدة الأخيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>